فيصل عطا - «الجزيرة»:
الكابتن عبداللطيف الحسيني هو لاعب كرة قدم سابق في نادي الهلال، ومدرب وطني قدير، حاصل على شهادة (a) في التدريب، كما سبق له العمل في الجهاز الفني بنادي الرياض، وتدريب نادي الشعلة، علاوة على تدريبه نادي الشباب، وتحقيق بطولة الدوري السعودي عام 2006م من أمام نادي الهلال في النهائي، إضافة إلى عمله في فئات المنتخب السعودي السنية، وفي الجهاز الفني للمنتخب السعودي الأول مدرب لياقة بدنية. واليوم يتحدث لـ«الجزيرة» عن مخرجات المواهب في المملكة، وعن الحلول في استكشافها، وعن رأيه في استئناف الموسم من عدمه:
- ما رأيك في عمل الفئات السنية بنادي الهلال بما أنك كنت مسؤولاً عنها؟
- برأيي إنه لا يمكن للأندية الكبيرة الاعتماد على الفئات السنية فحسب؛ لأنها تبحث عن البطولات؛ فتكون رغبتها نحو اللاعب الجاهز في أي دوري وأي نادٍ كان؛ ليكون مؤهلاً لتمثيل الفريق الأول مباشرة؛ فيكون الاعتماد كبيرًا على الاستقطابات من خارج النادي أكثر من التأسيس ومنح الفرص للاعبي الفئات السنية. في حين أن الهلال -على سبيل المثال- صدر الكثير من اللاعبين الذين يلعبون في الدوري الممتاز في مختلف الأندية، وكان خروجهم لصعوبة منحهم الفرصة بالفريق الأول للنادي نظرًا لوفرة النجوم بمختلف المراكز؛ وهذا دليل على أن الهلال لا يزال يصدر لاعبين مميزين.
- ما سبب عدم منح الفرص لبعض اللاعبين المميزين الذين خرجوا من الهلال برأيك؟
- الكثير ممن استقطبهم الهلال كان يوجد أفضل وأولى منهم بفئات النادي السنية، ولكن لم يمنحوا الفرصة والثقة لتمثيل الفريق الأول لعدم رغبة النادي بالمجازفة. وبطبيعة الحال هذا هو منطق الفرق التي تبحث عن البطولات؛ فهي ترغب في لاعب جاهز، يُحدث الفارق بشكل عاجل؛ فلا مجال لديها لمنح الفرص.
- هل هذا يعني أنك راضٍ عن عمل فئات الهلال السنية؟
- سأرد بسؤال: حينما يضخ نادٍ كبير أموالاً طائلة بالفئات السنية، ويجلب أفضل المدربين، هل بالضرورة أن تكون أفضل المخرجات لديه؟ فمثلاً العديد من المواهب في العالم كانوا قادمين من فئات أندية في الدرجة الأولى، فهل هذا يعني أن عمل تلك الأندية أفضل من الأندية الكبيرة التي تهتم بشكل كبير في فئاتها السنية؟ في الأخير الموهبة هي من تفرض نفسها، وهذا الأمر لا يعني أن تلك الأندية تولي اهتمامًا لفئاتها السنية أكثر من الأندية الكبيرة.
- ما السبب في عدم قدرة الكرة السعودية على استخراج مواهب جديدة، يمكن الرهان عليها برأيك واحترافها خارجيًّا، ولاسيما أننا في دولة غنية بالمواهب، ونسبة سكانها كبيرة علاوة على فتح الباب للاعبين المواليد.
- يجب أن نقوم بعوامل رئيسية عدة؛ لنتمكن من استخراج هذه المواهب بكفاءة فنية عالية، تتلخص في:
1 - البيئة، وذلك من خلال خلق بيئة احترافية للاعبين منذ نشأتهم وانضباطهم في التغذية والتمارين والنوم، على غرار الدول التي نجحت في ذلك بمختلف العالم.
2 - الأجواء المناخية.
3 - المنشآت والأكاديميات التي تعد اللاعب بشكل جيد، وهي تختلف بشكل كبير عن المتوافر لدينا، وهي عبارة عن مدارس كرة قدم فقط؛ إذ يتوافر بالأكاديميات كل ما يحتاج إليه لاعب كرة القدم من خدمات ومرافق وكوادر في مختلف التخصصات الغذائية واللياقية والنفسية والعلاج الطبيعي وغيرها؛ ليتم تأهيله بشكل مناسب للاحتراف.
4 - نوعية المدربين.
5 - منح الفرص، وذلك من خلال تخفيض عدد اللاعبين الأجانب.
- بعد ذلك، ما هي السن المناسبة برأيك لتسويق هؤلاء اللاعبين والخروج للاحتراف؟
- السن المناسبة برأيي هي سن 18 عامًا للأندية الخارجية. وفي حال تملكت المملكة أحد الأندية في أوروبا يمكن تصعيد هذه المواهب لتلك الأندية؛ وهذا سيساعد بشكل كبير في عملية الاحتراف لدينا.
- ما سبب تفوقنا في السابق في استخراج مواهب وأساطير رغم محدودية الإمكانات آنذاك، بينما حاليًا لا توجد تلك الوفرة الكبيرة من النجوم؟
- فعلاً، هذا واقع، ولكن أسباب تفوقنا كانت تتلخص في:
1 - نوعية مدرسي التربية البدنية. آنذاك كان مدرسو التربية البدنية لاعبين سابقين، يملكون النظرة، ويميزون الموهبة؛ فتم استخراج العديد من المواهب والنجوم من المدارس.
2 - أن تغذي الأندية نفسها كالسابق، وذلك من خلال جلب مدربين مثل بروشتيش وكوبالا، وعدد من الأسماء العظيمة التي تستطيع إنتاج المواهب الكبرى.
3 - توافُر الكشافين المميزين وإرسالهم إلى الحواري والأماكن كافة لاستخراج المواهب.
4 - هذه النقطة هي الأهم: فقد تم منذ عام 1403 إلى عام 1413 للهجرة إيقاف استقطاب اللاعبين الأجانب؛ وهو ما مكننا من استخراج عدد من النجوم حينها، منهم سامي الجابر والمهلل والعويران وعبيد الدوسري، وغيرهم من اللاعبين المميزين. وكان السبب الرئيسي هو منحهم الفرصة، علاوة على استمرار الدوري رغم مشاركة المنتخب؛ وهو ما منح الفرصة لعدد كبير من المواهب لفرض نفسها.
- من يتحمل المسؤولية في عدم توافر كل ذلك برأيك؟
- لا أعتقد أن الأندية تتحمل ذلك، بل هو مشروع وطني كبير، يجب أن تتم دراسته انطلاقًا من (كيف بإمكاننا توسيع نطاق ممارسي كرة القدم)، وأن يكون تحت أنظار كشافين ومدربين متميزين. وأعتقد أن وزارة الرياضة تعمل على ذلك.
- ما هو أكثر شيء يساعد اللاعب على البروز في الفريق الأول؟
- النجومية وحدها لا تكفي؛ فيجب أن تكون البيئة العامة للنادي مستقرة وتهيئ على النجاح، إضافة إلى وجود لاعبين مميزين من ذوي الخبرة في الفريق للتوجيه والمساهمة في صقل هذه المواهب.
- ألا تعتقد أن وفرة الأجانب في الدوري تسهم في تطوير اللاعب المحلي حينما يخالطهم في التمارين؟
- اللاعب المحلي يحتاج للفرصة أكثر من أي شيء آخر، وعدد الأجانب الحالي لا يمنحهم ذلك، وبإمكان الأندية جلب محترف واحد فقط حقيقي، يمكن أن يؤثر على المجموعة كافة، وريفالينيو أحد تلك الأمثلة التي غيرت مفاهيم العديد من المواهب، وأثرت فيهم.
- ما مدى تأثير توقُّف الموسم بسبب جائحة كورونا على أداء اللاعبين ومستوياتهم؟
- مع الجائحة مرت أشهر على اللاعبين وهم لا يمارسون سوى جزء من البرامج التدريبية التي ربما تحافظ على جزء من لياقتهم، ولكن من الصعب أن تحافظ على فورمة اللاعبين، والمقصود بها المهارة، واللعب مع المجموعة، والتكيف مع التمارين التكتيكية بسبب الانقطاع الطويل. وهذه ستؤثر بشكل كبير على غالبية اللاعبين، ولاسيما أنهم سيحتاجون بعد العودة إلى تكثيف الحصص التدريبية، وهذا الأمر صعب بحكم الأجواء المناخية التي لا تساعد في معظم مناطق المملكة على إقامة حصة صباحية. وبعد ذلك سيتم إشراكهم في مراحل الحسم من البطولة، وهناك من يبحث عن اللقب، وآخرون ينافسون على البقاء؛ وهذا سيسبب إرباكًا في مراحل الإعداد.
- بحكم خبرتك، ما هو القرار الأنسب اتخاذه فيما يخص الدوري دون التأثير على روزنامة الموسم القادم؟
- القرار الأكثر عدلاً هو أن يتم استكمال ما تبقى من الموسم، ولكن سيؤثر على روزنامة الموسم القادم؛ وهو ما سيجعل إقامة بطولات أخرى غير بطولة الدوري ودوري أبطال آسيا أمرًا صعبًا جدًّا، ولكن القرار الأمثل هو إلغاء الموسم، ولكن هذا القرار سيكون مجحفًا للكثير من الأندية في الأولى والممتاز. وأنا أؤيد استكمال الموسم بشرط ألا يكون في الموسم المقبل سوى بطولتَي الدوري والآسيوية والمنتخبات في حال تم استئناف المشاركات الدولية. والقرار صعب، وله مساوئ في كل الأحوال.