عبده الأسمري
اعتصم بالتاريخ واستعصم بالأدب فسكب «الموهبة» حبراً وسبك «الهبة» جبراً ليرسم «خارطة» الألغاز» الثقافية بأناقة فكرية ولباقة ذاتية فقطع «مفازات» الأزمنة بسحر «القلم» وقرب «مسافات» الأمكنة بجهر «العلم».
استل «سيف» الثقافة من «غمد» الأصول.. فكان «ضيف» الأمسيات.. و»شريف» المنصات.. الذي امتطى صهوة «الفصول» في ميدان «الأولويات» الذي كان فيه سيد «القوم» وعضيد «التخصص» الذي سلط إمضاءات بصيرته على «الوفاء» ووجه ومضات سريرته على «الصفاء».
إنه المؤرخ والباحث والأكاديمي المفكر الدكتور عاصم حمدان -رحمه الله- أحد أبرز المؤرخين والباحثين والمؤلفين في السعودية والخليج.
بوجه أبيض ممتلئ متوج بالطموح متباين بين الطيبة والهيبة واجه «تجاعيد» الزمن بـ»بمواعيد الفرح»، ومحيا وسيم اعتراها «المشيب» فزاده بهاءً وزهاءً مع عينين لماحتين بالرقي تنضخان بالسمو مع تقاسيم «جنوبية» الأصول «مدينية» النشأة «مكية» التنشئة» كانت «خلطة» سحرية لكاريزما «معتقة» بالفضل عتيقة بالنبل مع ملامح مشكلة من الإلهام والاقدام..وصوت جهوري مسجوع بالفصحى ومشفوع بالحسنى مع تراكيب لغوية فاخرة عنوانها «الوفاق» وتفاصيلها «التوافق» ولهجة «وطنية» فريدة تجمع عمق الأصالة وأفق الحداثة مع طلة بيضاء زاهية الأناقة قضى حمدان من عمرة نصف قرن وهو يؤسس «أصول» البحوث التاريخية وينظم «صنوف» المعاني البحثية «ويوزع» مغانم «المحاضرات الجامعية.. أستاذًا وباحثاً ومؤرخاً وأديباً...
في جدة ولد ثم انتقل إلى المدينة المنورة وبها بدأ خطواته الأولى وانخطف إلى «مجاميع» الروحانية على تراب «يثرب» الطاهر وتروحن مع نداءات «الطمأنينة» من مكبرات الأذان في المسجد النبوي فتغشت «قلبه» المتيم بالمحاسن «مآثر» الرحمة وغشت «وجدانه» الموسم بالمكارم آثار «السكينة» ونشأ بين والد أسبغ عليه بنعم «النصح» ووالده أشبعته بنعائم «الصلاح» فركض بين حواري باب المجيدي والأغوات والمناخة متأبطًا «كراسته» التي حملت «خربشات» الطفولة الأولى مولياً قبلته إلى قصص «الكادحين» في حيه الصغير موجهًا بوصلته إلى صنائع «الفالحين» في مركازه الوثير.. طفلاً ينشد «الاقتدار» في وجوه البسطاء ويقتبس «الاعتبار» من سحن الطيبين. فكبر وفي فؤاده «تباشير» التفوق ونما وفي عقله «بشائر» المعروف مجللاً بضياء «الموهبة» ومكللاً بهبة «الهبة» التي أوردها سراً في خلواته «الأولى» مع نفسه وبين أقرانه.. وأودعها جهراً في «بروفاته» المثلى» بين أيادي والديه ووسط عائلته، فكان «المشروع» الوديع الذي تحدثت عن مجالس «الحكماء» في طيبة الطيبة. الأمر الذي شكل له «رهاناً» على المجد و»ارتهاناً» إلى الوعد الذي تركه مكتوباً على «أديم» الذكريات وجاء ليوقع عليه «كواقع» ثابت كان «اسمه» الشاهد الأول.. و»وسمه» البرهان الأكمل في ثنايا «الشكر» وبين عطايا «الذكر»..
سيرة تعليمية موشحة بالثبات والإثبات قضاها حمدان في تعليمه العام بالمدينة ثم توجه إلى مكة التي كانت جارة «الحب» في قلبه المفعم بالولاء للحجاز.. حيث حصد درجة البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها بامتياز من جامعة أم القرى عام 1396، ثم طار إلى لندن ونافس الإنجليز وحصد من عقر دارهم الدكتوراه في الفلسفة من جامعة مانشستر عام 1406هـ.
عمل أكاديميًا في جامعتي الملك عبدالعزيز وأم القرى ومستشاراً غير متفرغ لوزير الحج ورأس تحرير مجلات عدة، وامتهن الكتابة الصحفية، وبرع في مجال التأليف والبحث التاريخي وتعمق في جذور التاريخ والثقافة والإرث الزماني والمكاني واتجاهات العادات والتقاليد في المدينة.. ألف عشرات الكتب في التاريخ والأدب والثقافة والنقد والرصد والمعرفة والعلوم ونال جوائز عدة، وتم تكريمه في محافل عدة.
توفي في 23 من شهر رمضان لهذا العام ووري جثمانه ثرى «البقيع».. وودعته أكف «الدعاء» ونعته «حروف» الثناء نظير ما قدمه من «أرث» وما تركه من «أثر» وما وثقه من «تراث» سيبقى «رصيداً مديداً سديداً» من العطاء المعرفي ومن السخاء العلمي.. للباحثين عن «البراهين» واللاهثين خلف «الدلائل»..
أكمل الرمز عاصم حمدان -رحمه الله- عقود «المهام» وأوفى بعهود «المهن» في «توليفة» بشرية وتشكيلة معرفية.. تسلحت بالأمانة وتلحفت بالقناعة فكان رفيع «العلم» متواضع «التعامل «شفيع» المعارف «وبديع» المشارف «ليظل» المؤرخ الأمين والأديب المكين «في فنون الفخر ومتون الشرف».