لقد غيّرت الإنترنت بصورة جذرية من أسلوب عمل المؤسسات الاقتصادية، واستحدثت نماذج جديدة للقيام بنشاط الأعمال، وهكذا امتزج اقتصاد المعرفة الذي يمثّل -بصورة تقريبية- اقتصاد الإنترنت الذي يمثل في هذه المنظومة الاقتصادية الجديدة -وبصورة تقريبية- عنصر التوزيع القائم على شق الاتصالات.
جاء في كتاب ((الفجوة الرقمية)) لمؤلفيه دكتور نبيل علي ونادية حجازي: بصورة عامة يمكن القول إن العناصر المادية في الاقتصاد بدأت تختفي تماماً فالأموال -على سبيل المثال- قد تمَّ تحولها من العملة الورقية إلى غطاء الذهب، حتى وصل الأمر في نهاية المطاف إلى تحويل الأموال إلكترونياً لتصبح مجرد إشارات رمزية تسوَّى من خلال غرفة المقاصة.
ذلك أنَّ التقنيات التي تعمل بالإنترنت وترتبط معاً، والتي تمثـِّل الإنترنت فيها الشكل الملحوظ بدرجة أكبر على الملأ، تقوم الآن بقلب العالم رأساً على عقب. وكلما تضاربت تقنيات المعلوماتية والوسائط الإعلامية والاتصالات أدركنا أنَّ عالمنا تعاد صياغته من جديد.
ومن وجهة نظر أخرى، تلعب الإنترنت دوراً رئيساً في اقتصاد المعرفة، خاصة فيما يتعلق بالمنتجات الرقمية التي يمكن توزيعها عبر الشبكة، كالبرمجيات والكتب والخدمات المصرفية والخدمات السياحية والخدمات التعليمية وما شابه.
لذا, فلقد أصبحت المعرفة قوة دافعة ومحركاً أولياً للاقتصاد الحديث؛ فهي أهم وسائل زيادة إنتاجية عمالة المصانع والمكاتب والحقول والفصول، ومصدر محتوى الرسائل المتبادلة عبر شبكات المعلومات، والمقوم الرئيس للبرمجيات التي تعالج هذا المحتوى، وهناك العديد من الشواهد على مدى الأهمية الاقتصادية لمورد المعرفة، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات أو الدول أو العالم بأسره.
فعلى مستوى الأفراد، قد زاد ثقل العمالة الذهنية، وتعاظم سطوة الرأسماليين الذهنين الجدد صنيعة اقتصاد المعرفة، ويكفي سنداً لهذا أنَّ ثلاثة من أغنى أغنياء العالم العشرين بنوا ثرواتهم من صناعة البرمجيات.
وعلى مستوى المؤسسات فقد تضخم العائد الاستثماري، ويكفي أن يذكر أنَّ إجمالي القيمة الرأسمالية لخمس شركات تعمل في مجال تقنية المعلومات والاتصالات قد تضاعف ما يقرب من 60 ضعفاً خلال عشر سنوات من 12 بليون دولار عام 1987م إلى 700 بليون دولار عام 1997م.
أما على مستوى اقتصاد الدول، فقد ازدادت مساهمة عائد قطاع المعلومات في الناتج المحلي الإجمالي.
وعلى مستوى العالم، فقد نما الإنفاق العالمي على تقنية المعلومات والاتصالات وفقاً لتقرير التنمية الإنسانية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من 2.2 تريليون دولار عام 1999م إلى 3 تريليونات دولار عام 2003م.
في عالم اليوم، يضطر الكثيرون إلى أن يُسلِّموا بأنَّ الفتوحات التقنية الجديدة المهمة قد غيرت مؤقتاً التقنيات المستخدمة للاتصالات في تنمية الموارد البشرية.
** **
zrommany3@gmail.com