عبده الأسمري
منذ أن خلق الله هذا الكون والإنسان محور رئيس لكل الصراعات والنزاعات والنزعات في قوالب «سلوكية»، ومطالب «حياتية»، تنطلق من حتمية «الاحتياج» إلى ضرورية «الإنتاج».
ضربت الأوبئة والكوارث والجوائح العالم، وقضت على أقوام وأمم سابقة، وبين أيدينا «كتاب» ينطق بالحق، هو القرآن الكريم، جاء بالبيان والتبيان في دلائل وبراهين، ووسط قصص استنطقت بالاعتبار، وأقدار نطقت بالاقتدار، وموازين كانت كفة الخير فيها راجحة ومانحة في كل شؤون البشرية وشتى متون الإنسانية.
تتشبث النفس البشرية بالسوء، وترتمي في تأنيب «اللوم»، وتسعى إلى مأمن «الاطمئنان»، وهي بذلك تمضي بين غلبة «الأنا» ومنطقية «الضمير» وسلطة «النهاية»؛ فتماثلت في دستورنا العظيم (القرآن الكريم) بأنها نفس أمّارة بالسوء في أساسها، ثم نفس لوّامة في إعادة التدبر واستعادة التفكر، ومطمئنة في حالة النهاية التي تعود إلى أصل «البداية» من العدم؛ لتكون تحت تدبير «المصير» الذي لا يعلمه إلا الله العليم الخبير.
الجهاز «النفسي» البشري معقَّد الجزئيات، خاضع لسلطنة «الذات»، وقابع تحت هيمنة «النفس»، تمتلئ «غرفة» عملياته اليومية بمئات التشكيلات من السلوك الافتراضي والمسلك الواقعي، وتتقاطع في «رادار» رقابته المستمرة عشرات «الوجوه» و»المواقف» و»الذكريات»؛ ليبقى في حالة من «الصراع» و»النزاع» بين الأفكار والتطبيق، وبين الأماني والتوظيف.
ما بين «المصادمات» و»الصدمات» تعيش النفس بين قوة ذاتية مؤقتة، تظنها «دائمة»، وهزة خارجية إجبارية، تحسبها «غائبة»؛ فتبقى في «عزلة» عن الثبات، و»معزل» عن الاستقرار؛ فترتمي في قعر «العثرات» محاولة الانتقام من «المواقف»؛ فتقوى قليلاً، ثم تعود إلى الضعف وسط موجات غير مستقرة من «مد» الانهزام وجزر الإقدام.
تظل «النفس البشرية» رهينة الغفلة حتى وإن تلقت «أوجاع» الزمن، فما إن تعتبر حتى تغط في «سبات» التغافل مرة أخرى؛ فتتأرجح بين ضربات «الظروف»، وكربات «المواجع»؛ فتبقى متباينة «الأفعال» ما بين توجس محتمل، ودفاع مهمل.
بين التجارب التي تمضي بالنفس بين مشارب «الصبر» ومسارب «العبر» ومآرب «الجبر» تأتي النتائج في هيئة «اعتبار» بالمعاني، وانتصار للذات، أو «عزة» بالأهداف، و»اعتزاز» بالأنا؛ فتستكين إلى «اعتزال» المؤثرات و»اختزال» المصائر..
تتدخل الميول والاتجاهات والقيم والتنشئة والتربية في تشكيل «خارطة» التكيف مع العواقب التي تجتاح «ميادين» النفس، وتقتحم «خصائص» الذات؛ فتتحد «معالم» المصير بين «رضا» واقعي و»قنوط» متوقع.
تتعامد «التأثيرات» على أرضية مستوية من اليقين لدى أصحاب الأنفس المتيمة بالطموح، الشغوفة بالإيثار، العطوفة بالآخرين؛ فتأتي «محافل» الانتماء للإنسان كبشرى «عظيمة»، تنثر «عبير» الفرح، وتنشر «أثير» البهجة كهدايا توزَّع ببذخ في «مَواطن» الحاجة، وتودَع بسخاء في «أرصدة» الإغاثة.
ما بين «جمود» الجهل، و»ركود» التجاهل، تظل «النفس» في حالة من «الكساد» النفسي، ومرحلة من «الاعتماد» الذاتي، تجعلها في دائرة من «الفشل» دافعة «ثمن» البلادة في سنوات عمر، تنقضي كرقم في «الهامش»، وفراغ في الرصيد.
تغيُّر الحياة، وتبدُّل الحال، وتعاقُب الأحوال.. «ديمومة» قدرية، لا يُستثنى منها أحدٌ، وتبقى «النفس البشرية» نقطة الارتكاز التي تنطلق منها أضلاع التعاملات، وأبعاد المواجهات مع التغيرات والتبدلات في خضم «واقع» إجباري، وسطو «ماضٍ» اختياري، ووسط «حرية» متاحة لفرض التخطيط ووضع التنفيذ اللذين يسيران بالإنسان إلى «هوية» مستقبلية، تحدد «ملامح» الاستفادة من «وقع» التأثير، والإفادة من «واقع» الأثر.
في ظل المعطيات والمؤشرات تحتاج «النفس البشرية» بين حين وآخر إلى «إعادة تحديث» لمواجهة «معارك» التغيُّر، ومواكبة «مدارك» التدبُّر، وصولاً إلى «المستوى» المفترض من النجاح، وإكمالاً للمحتوى المنتظر من الفلاح.. حتى يكون «الإنسان» عنصر بناء، وعامل عطاء في صناعة «المنافع» وصياغة «الفوائد» في حياته وبعد رحيله.