محمد ناصر الأسمري
في السبعينات والثمانينات انتهجت القيادة السياسية المتوالية في وطننا نهجاً في التحديث والتطوير في مجالات متعددة كان من أبرزها الإدارة الحكومية، فقد ابتعثت أعدادًا من الكوادر الوطنية للدراسات ما دون العليا ثم العليا إلى دول الغرب غالباً الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، فعادت ثلل كان لها الريادة في العمل الحكومي والتعليم العالي. وكان التشكيل الوزاري الذي أجراه الملك فيصل -رحمه الله- لمجلس الوزراء قد ضم أغلبية من حملة الشهادات العليا وفي مسارات النهوض كانت أول خطة خمسية وضعتها هذه النخبة.
تلا هذا جيل لاحق في الثمانينات سار على نفس النهج في الابتعاث لطلاب وطالبات وأعداد من موظفي الحكومة للدراسات العليا والتدريب، وكان لهؤلاء إسهاماتهم في مسيرة التطوير والتنوير.
بعد هذا حل تحزب أيديولوجي، حين وضعت برامج للابتعاث كرست نقاطاً رمادية باهتة، وتشكلت تحزبات في منظمات تكفر وتزندق وتشتم بلادنا ليس من غيرنا بل من ثلل من أبناء الوطن. وكم عانى التعليم في كل مراحله من تفشي هذه الأيديولوجية حتى باتت المدارس مرتعاً للتطرف ونشوء أجيال تتبع التحريم مما أنتج مفرجين ومخربين.
لكن بفضل الله أنقذ الوطن ببرنامج الملك عبدالله بن عبدالعزيز -غفر الله له- للابتعاث وتوسيع اتجاهات البلدان، فلم يعد الأمر حكراً على ما كان سابقاً، فقد شمل كوريا والصين وألمانيا واليابان وغيرها إلى جانب أمريكا وبريطانيا.
وكان لإفساح المجال للطالبات أثر كبير في تخريج كوادر في مجالات الطب والإدارة ونظم المعلومات إذ إنهن مع زملائهن أصبحوا كوادر فاعلة في رد استثمارات الوطن.
الملك سلمان وسع رقعة البلدان وكان له والأمير محمد بن سلمان قرارات شكلت وشملت إبهاجاً وابتهاجاً للمبتعثين والمبتعثات وأهاليهم، حيث أمر الملك وولي العهد بضم غالبية من كانوا يدرسون على حسابهم للبعثات الحكومية.
وهكذا كنا ثم صرنا ثم عدنا لطبيعتنا الإنسانية التي أيقظ سمو ولي العهد عودة الوعي للمسارات الإنسانية التي تحترم الإنسان والأديان بعيداً عن التحزب المقيت.
الحمد لله أن هذا هو المسار الذي تسير عليه بلادنا بخطى واثقة صادقة مستمرة.