ميسون أبو بكر
بعد جائحة كورونا برز الدور الكبير للأطباء والممرضين والممارسين الصحيين وبشكل أكبر، حيث إنهم في كل مكان في العالم قاموا بجهود رائعة ومحاولات حثيثة لإنقاذ البشرية، ونالوا من التقدير والتكريم ومحبة المجتمعات ما يليق بجهدهم ومغامراتهم وعطائهم الذي جعلهم محط اهتمام وإعجاب العالم.
العاملون في المجال الصحي هم الجنود الذين صمدوا في الصفوف الأولى لمقاومة هذا المرض الذي اكتسح العالم، منهم من غاب عن منزله أشهرًا منذ بداية انتشار الوباء إلى وقت كتابة مقالي هذا ليلازم المرضى في المستشفات أو مقرات الحجر الصحي، ومنهم من لم يغادر المستشفيات بسبب تدفق الحالات وشح الكوادر الطبية التي لم يكن متوقعًا أن تواجه هذا العدد من المصابين الذين تسوء حالتهم بسبب طعنهم في السن أو إصابتهم بأمراض مزمنة تضعف من مناعتهم ومقاومتهم، لأن الحاجة لهم ثم الخوف من نقلهم العدوى لأسرهم جعلهم يبقون في مراكز عملهم، فأصبح العالم ممنونًا لهذه الفئة؛ بل علت الأصوات والقرارات بدعم الكادر الطبي وتخصيص ميزانية أكبر لوزارات الصحة والبحوث التي من شأنها أن توفر الطعم المضاد والعلاجات والأدوية.
حين نتحدث عن الطب فإننا نتحدث عن المهنة الإنسانية التي وضعت أصحابها في مقام الجنود الذين يدافعون عن أمن الأوطان والإنسان، ففي زمن كورونا تحول الأطباء لخط دفاع أول عن حياة الإنسان وهذا الكوكب الذي نعيش عليه، وأصبحنا جميعًا شركاء في الحياة والموت والاستمرار أو الاستسلام لمرض العصر، وإننا لنفتخر بقصص أطباء سعوديين سطع نجمهم داخل الوطن وخارجه، ولن ينسى العالم قصة الطبيب السعودي الشجاع في فرنسا الذي أجرى عملية استئصال الورم لمريضة رفض طبيبها الفرنسي أن يقوم بها.
عبر وسائل الإعلام والتواصل الإلكتروني رأينا صورًا وفيديوهات لأطباء وممرضين حفرت الأقنعة بعنف على بشرتهم وشوهت ملامح وجوههم، مما يشير إلى شراسة المرض وأخذ الحيطة منه في ارتداء ملابس واقية وأقنعة لتجنب العدوى، وفي كل مرة كنت أحظى بفرصة للاتصال بابني الطبيب أو بالصديقات اللاتي يعملن كطبيبات وممرضات كنت أسأل عن أوضاعهم لأطمئن على سلامتهم، فبين لحظة وأخرى كانت الأخبار ترد حول فقد العالم لطبيب أو إصابة ممارسين صحيين يطببون المرضى.
سنعيش لاحقًا لنتذكر ما مررنا به، وأنا لا أشك أننا في قلب العاصفة، وأنه لم يكن فيلمًا أو حلمًا بل ما واجهناه كان واقعًا لم نخطط له ولم نتوقعه، وإنني إذ أقاوم أن أتحدث في مقالاتي عن كورونا لكنني أشعر أنني في كل مرة أقع في شرك الحديث عنه.