حماد الثقفي
لطالما لعبت بعض المؤسسات الخيرية دورًا كبيرًا في بقاء واستمرار كيانات التنظيم الدولي للإخوان، التي كرهها العالم، فبعدما استغاثت بريطانيا عاصمة التنظيم الدولي للإخوان، واستغلالها الجائحة في مضاعفة مواردها من التبرعات بحجة كورونا، عبر الجمعيات والمؤسسات ذات الطابع الخيري والدعوي؛ لتتخوف مفاصل البريطانيين من استغلال الإخوان للمواقع الإلكترونية في نشر أفكار التطرف، واستمالتها المجتمعات المعزولة للتبرع، خاصة أن العالم لا أنيس له الآن سوى مواقع التواصل الاجتماعي، وهو سلاح لتجنيدهم في التنظيم؛ لذلك رفضت الحكومة منح تأشيرات لعدد من أعضاء الجماعة التي زاد انتشارها مؤخرًا، وعملت على تقييم زيادة النشاط الاقتصادي للجمعيات خلال فترة انتشار فيروس كورونا المستجد، وهو الأمر ذاته الذي رصد في أمريكا، فعبر تصفح المواقع الإلكترونية لمؤسسة (كير واسنا) سنجد أن الجماعة ضاعفت من إعلانات التبرع، رابطة إياها بفيروس كورونا؛ وهو ما أثار جنون البرلمان البريطاني مطالبًا وزيرة الداخلية «بريتي باتل» بتقديم تقييم سريع لنشاط جمعيات الإخوان الاقتصادي؛ للتأكد من عدم استخدامها في تمويل التطرف، والتأكد من منعها من استخدام الشبكة العنكبوتية لنشر عقائد التطرف والكتب الخطرة للدعاة التابعين لها، ومراقبة الخطب والدروس التي تبثها عبر الإنترنت للأتباع لتعويضهم عن المساجد التي أغلقت بسبب الفيروس، بل دعا البرلمان الحكومة البريطانية لحظر الجماعة؛ لأنها تستغل المجتمع الغربي لجمع الأموال عبر المؤسسات الخيرية، ومن ثم تستخدمها في تمويل الإرهاب، وهو ما أكده رئيس قسم الإرهاب والمخاطر والمرونة في جامعة كرانفيلد، البروفيسور «سيكي»، ونشره موقع «بليتز» منتصف مايو الحالي، بتنفيذ عمليات إرهابية تخطت تكاليفها ملايين الدولارات مرتبطة حتمًا بالمؤسسات والجمعيات الخيرية التابعة لجماعة الإخوان، والقائمين عليها، مثل هاني البنا، وعصام البشير، وأحمد الراوي، وعصام الحداد مستشار الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، قائلاً: «إنهم يعملون لخدمة التنظيم؛ لتحقيق أهدافهم السياسية، بغض النظر عن المشاريع الإنسانية». وأكده سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة: «إن أموال التبرعات هي مجرد مال سياسي، ذات أجندة متطرفة خاصة، وجدت أوروبا مرتعًا لها، ومن أبرزها هيئة الإغاثة».
ولعل الحاضنة الأمريكية للإرهاب ليست ببعيدة، فكان في مقدمتها مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية CAIR، الذي أعلن هدفه بجمع تبرعات بـ2.6 مليون دولار في شهر، ومثيلته الدائرة الإسلامية لشمال أمريكا «اسنا» أو «ICNA» أخذين الأموال لتكون قوى استثمارية خاصة ينفقونها لمصلحتهم فقط.
كما ينكشف يومًا تلو الآخر خداع أردوغان، واستغلاله أموال شعبه في الإنفاق على أحلامه الوهمية لاستعادة الخلافة العثمانية المزعومة، تحت اسم «درع الاستقرار الاقتصادي»، بدلاً من توظيفها لمواجهة الأزمات التي تمزق الدولة من الداخل؛ فقد جمع أكثر مما أعلن عنه 15.5 مليار دولار، ليصل بحملته لـ130 مليون دولار، وهي الحملة الثانية في تركيا خلال 3 أشهر، منذ حملة تبرعات زلزال الأزيغ في يناير 2020؛ لينكشف وجه تلك الحملات بإنفاق مواردها على الحرب في ليبيا وسوريا ومشاريعه التوسعية؛ ما دعا مؤسسات حقوقية لإصدار بيان لفضح سياساته للشعب التركي، واستغلال أمواله لتحقيق أغراضه السياسية الواهنة. وأنا أسلم أن كما أكدت المؤسسات أن الخزانة فارغة الآن.
ومن بين تلك المنظمات إيرانية وقطرية، كمنظمة الكرامة التي تمولها قطر والموجودة في جنيف، رغم وقف تسجيلها في الأمم المتحدة عام 2011، إلا أنها ما زالت تعمل بتمويل قطري، وقد أدرج تقرير وزارة الخزانة الأمريكية في عام 2013 رئيسها عبد الرحمن النعيمي هو وآخرين على اللائحة السوداء الدولية للإرهاب؛ إذ يحول مليون ونصف المليون دولار شهريًّا إلى مسلحي القاعدة بالعراق، و375 ألف دولار لفرعها بسوريا، ليلحقه عبد العزيز بن خليفة العطية، ابن عم وزير خارجية قطر السابق، والمدان في محكمة لبنانية بتمويل منظمات إرهابية دولية؛ لتكون نقطة التقاء مصالح قطر وإيران، اعتماد الأولى إنشاء الأذرع الحقوقية، والثانية استخدام تلك الأذرع لمصلحة أجندات طائفية متطرفة، فضلاً عن تأجيجهما المشهد السوداني عبر جماعة «بوكو حرام» الإرهابية، والضغط على حكومات المنطقة في ليبيا وتونس ومصر وغيرهم لتحقيق مصالح إرهابية لا وجود لها بحياتنا.
أجل، سيظل الوجود الإنساني في صراعه المستديم مع قوى الشر، فنعلمه وندركه ونراقب تطوراته وتحولاته لمحوه من حياتنا.