عبده الأسمري
ابن الصحراء.. وخبير الشعراء.. أصيل البادية.. وسليل البداوة.. ومحارب البدائية.. القادم من «أقاصي» اليتم إلى «مراسي» «الهمم»... الراحل من «ثغور» الدوافع إلى «أجور» المنافع.. المكافح في ميادين «الحروب» المنافح في «موازين» النقد.
استل «قلم» الكتابة من غمد «البيئة» وانتشل «حلم» «المهابة» من قند «اللغة».. فكان «كبيراً في» القوم.. و«عشيراً» في الجمع.. و«سفير» الصعاليك الذي عاش كوجدان ادمي يوزع بشائر «العطايا الثقافية» ببذح مرتدياً جلباباً فضفاضاً من «اليقين» مطرز بالأثر موشح بالمآثر.
أنه الكاتب والناقد والشاعر سليمان الفليح -رحمه الله- أحد أبرز الشعراء والباحثين والكتاب والأدباء في السعودية والخليج.
بوجه شمالي بدوي «الملامح» عفوي «المطامح» وتقاسيم تتوارد منها علامات «الشهامة» وتتعالى فيها معالم «الصرامة» وعينان واسعتان تمتلئان دهاء وذكاء وسحنة حنطية تتكامل على هندام يغلب عليه «التشكيل الخليجي» و«التفصيل الوطني» وأناقة تعتمر الألوان على محيا «مدني» في شخصية جاذبة وقوام «عسكري» في بزة مهيبة ولهجة عميقة الارتباط بالقبيلة ولغة أنيقة الترابط بالفضيلة ومفردات متأنقة تنطق بالشعر وتستنطق بالأدب وتلوذ بالنشأة وتتشبث بالتنشئة مع صوت جهوري خليط من الجمل «المفيدة» و«المعاني السديدة» والتي تكاملت في بناء «الشعر» وتماثلت في تصنيف «البحوث» واكتملت في سلطنة «الدواوين» قضى الفليح من عمره عقوداً وهو يكتب للأجيال «هذرولوجيا» الانفراد ويورث للأماكن «جيولوجيا» الترحال ساكباً «الحبر» تأليفاً وسابكا «العبر» توصيفاً.. تاركاً للاهثين وراء «الإجابات» أسئلة «الطفولة» والماضين خلف «المفازات» مغانم «البطولة» واضعاً سيرته «نضالاً» للاعتبار و»مثالاً « للاقتدار التي كان فيها «قامة وقيمة» تستدعي البحث وتستوجب «التحليل».
في صحراء «الحماد» شمال السعودية ولد وتجرع «اليتم» باكراً في الرابعة من عمره بعد وفاة والده متأثراً بالمرض فنشأ وسط «أوضاع» إجبارية اعتمرت وجدانه وتجلت في ذاكرته «الغضة « مناظر «الموت» وهو يتربص بالبدو تحت هيمنة «السل « و»فقر الدم» وترك له والده «مناهج» علنية من النبل والفضل تناقلتها «المجالس» وارتكن إلى حجر أمه التي غرست فيه «وميض» الصبر و»فيض» العبر ومضى وحيداً ينازع «وحدة» أوضاعه وينتزع «غل» الظروف فاختار»مكاناً « قصياً معلنا «التآمر» على الأحزان مبدداً «غيوم» الفقد بالرعي مشتتا «غموم» الوجد بالوعي فتنقل بين «الفيافي والقفار» يلاحق قطعان الأغنام والإبل متأبطاً «زوادة» أكله وشربه ليكمل طفولته في «كنف» خال عظيم علمه «معالم» التوكل «سراً و»مكارم» التحول جهراً فغير «نمطية» الألم.. إلى «وسطية» الأمل بين قطبي «الدافع» و»الواقع».
ركض الفليح بين مضارب «العشيرة مولياً قبلته إلى «مآرب» السريرة التي بسطت صفاءها لتنهل من «مشارب» العمر..
وزع الفليح قلبه بين «أحباب» و»أقارب « كان يمثل لهم «الفجر الجديد» فتنقل بين بلدين كان الأول السعودية «حضن « الفرح والثاني الكويت «محضن» السرور فعمل في الكويت في الجيش في الفترة من 1970-1997م وعمل خلالها في الصحافة بالسياسة الكويتية كاتباً ومراسلاً صحفياً وحربياً في عدة حروب واشتهر بزاويته الشهيرة «هذرولوجيا « التي كتبها أيضاً في صحيفتي الجزيرة والرياض وألف عدة دواوين شعرية وعدة إصدارات تمثلت في مجموعات شعرية نبطية وفصحى ودراسات ومجموعة مقالات ومحاضرات وحلقات وامتهن الكتابة الصحفية وأجريت معه عشرات الحوارات والمقابلات وشارك في عدة محافل وأمسيات..
وقد تناول عدد من الأدباء والنقاد والأكاديميين والمستشرقين سيرته وإنتاجه وقدمت عن شعره رسائل في الدراسات العليا بالوطن العربي وترجمت أعماله إلى الإنجليزية والروسية والفرنسية وغيرها وتم تكريمه في عدة دول.
توفي الفليح -رحمة الله تعالى- الأربعاء 21 أغسطس 2013 في الأردن بعد أزمة صحية مفاجئة ونعته الأقلام وشيعته المنصات وبكته الأماكن ورثاه المئات من رفقاء الدرب وأصدقاء الحرف وأوفياء المشهد..
رحل الفليح.. وارتحل إلى دار «المقر» واستقر في واحة «الذكر» وبقي في مساحة «الفكر» ككوكبة «إنسان» وتشكيلة «فنان « بنى صروح «الأدب» بعبقرية «مذهلة» جعلته طائراً ماهراً قاد «أسراب» الثقافة بمهارة «منفردة» محلقاً على «ارتفاعات» ترك ملامستها «لغزاً» محيراً استأثر بتفاصيله الخاصة.
سليمان الفليح منظومة بشرية من «النضال « في شئون «الفوائد» ومعادلة إنسانية من «الجمال» في متون «المقاصد».