فضل بن سعد البوعينين
لم يكن مستغرباً استئثار المملكة بما نسبته 37 % من مجمل الدعم الإنساني الذي تم تقديمه من خلال مؤتمر المانحين الافتراضي لليمن 2020 ، والذي نظمته المملكة بالشراكة مع الأمم المتحدة وحضره أكثر من 126 جهة، منها 66 دولة و15 منظمة أممية و3 منظمات حكومية دولية و39 منظمة غير حكومية، إضافة إلى البنك الإسلامي للتنمية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
أثبتت المملكة دائماً أنها من أكثر الدول دعماً للجهود الإنسانية والإغاثية، والمعززة للسلم الدولي والتعاون المثمر بين الشعوب.
500 مليون دولار هو مجمل الدعم الذي تعهدت المملكة بتقديمه، استكمالاً لجهودها الإنسانية والتنموية المستدامة في اليمن. أكثر من 17 مليار دولار تم تقديمها لليمن منذ العام 2014 وفق برامج وحزم دعم متنوعة، إضافة إلى الجهود النوعية التي يقوم بها مركز الملك سلمان للإغاثة وتقديمه ما يقرب من 3 مليارات دولار خلال الخمس سنوات الماضية ضمن جهوده الإغاثية المتميزة.
برامج مهمة ساعدت الشعب اليمني على مواجهة تداعيات آلة الدمار الحوثية، وساهمت في تعزيز الأمن الغذائي، والصحي، والإيوائي، والدعم المجتمعي، والتعليم، وغيرها من البرامج الإغاثية المهمة. ولعلي أشير إلى أحد أهم تلك البرامج النوعية وهو مشروع «مسام» لنزع الألغام التي زرعتها الميليشيا الحوثية بطرق عشوائية في الأراضي اليمنية، وفي مخالفة صريحة للقانون الدولي، والتغلب على الكوارث الإنسانية الناتجة عن انتشار أكثر من 600 ألف لغم في جميع المناطق المحررة.
مشروع الإعمار السعودي من أضخم المشروعات المنفذة في اليمن، والمتوقع أن يعيد الحياة من جديد لغالبية المناطق المحررة، وهو جزء لا يتجزأ من رؤية المملكة الإنسانية هناك.
برغم المواجهات العسكرية؛ تحرص المملكة على ثوابتها الإنسانية والتنموية؛ وتركز على إنقاذ الإنسان والمكان من الاستهداف الحوثي الممنهج.
لا يمكن للمساعدات التنموية والإنسانية السعودية أن تحقق أهدافها مالم تحاط بمنظومة أمنية دولية شاملة، تضمن استدامتها ووصولها للمستحقين، وهو أمر يتطلب تحمل الأمم المتحدة مسؤولياتها تجاه الوضع الشامل في اليمن، وردعها ميليشيا الحوثي عن تقويض الجهود التنموية والإنسانية ومخالفتها الدائمة للقوانين الدولية ورفضهم خطط السلام وفق القرارات الدولية.
استمرار العبث الحوثي، واستهتاره بالقرارات الدولية، وربما استغلال بعثات الأمم المتحدة لتعزيز مواقعه، ومصادرته المساعدات الإنسانية سيتسبب في تقويض الجهود الإنسانية الدولية وسيعمق من جراح الشعب اليمني، ويزيد من أمد الحرب المدمرة.
أعتقد أن الفاقد من المساعدات الدولية هو ما يستوجب مناقشته قبل التعهد بتقديم مزيد من المساعدات الإغاثية. فبعض تلك المساعدات تذهب لميليشيا الحوثي الذي يعيد بيعها في السوق السوداء أو يقوم بحجبها عن المناطق المتضررة.
لا يمكن للجهود الإنسانية أن تحقق أهدافها مع استمرار آلة الدمار الحوثية التي بات البعض يعتقد بحصانتها الدولية غير معلنة!. إعمار اليمن، وإغاثة اليمنيين وحمايتهم من الأوبئة في أمس الحاجة إلى أرضية صلبة يحفها الأمن وتعززها الحماية الدولية والمواجهة الصارمة لتجاوزات الحوثي وإيران، ومحاسبتهم على مخططاتهم الإرهابية التي دمرت اليمن وستقوض جميع الجهود الإنسانية والتنموية هناك.