اهتمت المملكة منذ بداية تأسيسها بإنشاء المتاحف نظراً لما تمتلكه من مخزون هائل ومنوّع من الآثار والتراث الذي يعكس ما تتميز به المملكة من ثراء تاريخي عبر الحضارات المتعدِّدة التي شهدتها أرضها. وتزخر مناطق المملكة بعدد كبير من المتاحف التي تشمل قطعاً أثرية لتاريخ هذه المناطق وسجلاً حياً لتراثها.
بداية تأسيس المتاحف
كانت البداية بصدور قرار مجلس الوزراء رقم (727 في 8- 11-1383هـ) الموافق لشهر يناير 1964م، بالموافقة على تأسيس دائرة للآثار ترتبط بوزارة المعارف (آنذاك)، وجاءت الانطلاقة الحقيقية للنشاط الأثري في المملكة العربية السعودية عام 1396هـ (1976م) عندما شرعت إدارة الآثار والمتاحف (في ذلك الوقت) في الأعمال الأساسية لقطاع الآثار، ووضعت مع بداية تكوينها ضمن أولوياتها إنشاء متحف وطني يعرض فيه القطع الأثرية والتراثية التي تمتلكها الإدارة، وما يتم الكشف عنه من آثار خلال أعمال المسوحات والتنقيبات الأثرية، وقد تم افتتاح المتحف الوطني كأول متحف رسمي بمدينة الرياض في 21 محرم 1398هـ (الموافق ديسمبر 1977م). وكان مقره في إدارة المتاحف قبل أن ينتقل عام 1418هـ إلى مقره الرئيس في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي بالرياض.
إنشاء المتاحف المحلية والإقليمية
وضعت وكالة الآثار والمتاحف، مع بداية تنفيذ مشروع المسح الأثري الشامل، خطة لإنشاء عدد من المتاحف المحلية والإقليمية في مختلف أرجاء المملكة، فبدأت بإنشاء ستة متاحف محلية في كل من: الهفوف، الجوف، تيماء، العلا، نجران صبيا، وقد روعي عند إنشاء هذه المتاحف أن تكون قريبة من أهم المواقع الأثرية في المملكة، وتؤدي دورها كمراكز للبحوث الأثرية والتاريخية، ثم تم إنشاء متاحف إقليمية في كل من جدة والطائف ومكة المكرمة والدمام وحائل والباحة وتبوك وعرعر والقنفذة، بعض هذه المتاحف أنشئت في قصور تاريخية مثل قصر شبرا في الطائف وقصر الملك عبدالعزيز في الزاهر بمكة المكرمة أو قصر الملك عبدالعزيز في خزام بمدينة جدة، إضافة إلى واحد من المتاحف المهمة الذي يجسد تاريخ المملكة العربية السعودية من بداية تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وهذا هو متحف المصمك في الرياض الذي افتتح عام 1416هـ.
وفي عام 1429هـ انتقل قطاع الآثار والمتاحف من وزارة التربية والتعليم (آنذاك) إلى «الهيئة العليا للسياحة آنذاك»، التي قامت بجهود كبيرة لتنظيم القطاع وتطويره، ومن ذلك تطوير عدد كبير من المتاحف من خلال توسعتها وتطوير عروضها المتحفية، ووضع خطة لإنشاء متاحف جديدية إقليمية ومتخصصة.
يبلغ عدد المتاحف الحكومية حالياً 53 متحفاً، فيما تبلغ المتاحف الخاصة 162 متحفاً وذلك على النحو التالي:
المتاحف التابعة لقطاع التراث الوطني 23 متحفاً:
يعد قطاع المتاحف في المملكة من أهم قطاعات التراث، حيث خصص لكل منطقة متحف إقليمي يعرض أبرز قطعها الأثرية والتراثية. وشهدت المتاحف خلال السنوات الأخيرة مشاريع للتطوير ضمن برنامج خادم الحرمين لشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، وإحدى مبادرات التحول الوطني، والذي خصص مساراً له لمشاريع المتاحف المطورة والجديدة.
ويشرف قطاع التراث الوطني الذي كان يتبع سابقاً للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على عدد من المتاحف التي ستنتقل إلى هيئة المتاحف «إحدى الهيئات الجديدة التابعة لوزارة الثقافة» وهي:
المتاحف القائمة: متحف الآثار والتراث بمكة المكرمة بقصر الزاهر بمكة المكرمة، متحف سكة الحديد بالمدينة المنورة، متحف المصمك التاريخي بالرياض، متحف الآثار والتراث بالمجمعة، متحف الآثار والتراث بالأحساء، متحف الآثار والتراث بالنماص، متحف الآثار والتراث بجازان، متحف سكة الحديد بتبوك، متحف قلعة تبوك بتبوك.
متاحف جار تنفيذ مشاريع لتطويرها: متحف قصر شبرا التاريخي بالطائف، متحف الآثار والتراث بمنطقة جازان (مدينة صبيا)، متحف تيماء، متحف بيشة.
المتاحف الجديدة (تم إنشاؤها وجاهزة للافتتاح): متحف عسير، متحف حائل، متحف الجوف، متحف تبوك، متحف نجران.
المتاحف الجديدة (تحت الإنشاء): متحف الدمام، متحف الباحة، متحف منطقة الحدود الشمالية (بمدينة عرعر)، متحف الأحساء، متحف القصيم.
وشملت المشاريع إنشاء المباني الجديدة لهذه المتاحف، إضافة إلى تصميم وتجهيز العروض المتحفية وفق أحدث التصاميم العالمية، والإمكانات الحديثة المتطورة في مجال عرض القطع الأثرية، والعروض المرئية.
ويحتوي كل متحف على ثماني قاعات: الأولى للاستقبال، والثانية لآثار وتراث المنطقة المعينة، وتاريخها الطبيعي، والثالثة لعصور ما قبل التاريخ وفجره، أما الرابعة فتتحدث عن عصور ما قبل الإسلام، والقاعة الخامسة للمنطقة خلال الفترة الإسلامية، والسادسة عن العهد الحديث، أما السابعة فتم تخصيصها لعرض التراث الشعبي، والقاعة الثامنة للعروض الزائرة والمؤقتة.
ومن المتوقع أن توفر فرصاً وظيفية مباشرة تتجاوز الألف وظيفة، حيث عملت الهيئة منذ فترة على تأهيل عدد من خريجي الجامعات على العمل المتحفي، سواء في المهام المتخصصة، أو في مجال التسويق والفعاليات المتعلقة بالمتاحف.
ورُوعي في تصميم المتاحف الجديدة الهوية العمرانية والتراثية لكل منطقة، والعمل على أن تكون المتاحف بمثابة معالم حضارية شاهدة على آثار وتراث تلك المناطق، ولتؤدي دورها بشكل أفضل في إظهار الزخم الحضاري، بحيث تتوسع العروض في هذه المتاحف لتشمل جميع آثار هذه المناطق وتاريخها وفق تسلسلها التاريخي بداية من عصور ما قبل التاريخ وظهور الحضارات المبكرة في كل منطقة وانتهاءً بالعصر الحديث بما فيها الحرف والصناعات التقليدية، مع مراعاة الشمولية في التعريف بتاريخ المنطقة من خلال البرامج والمعروضات الموجهة لمختلف فئات وأعمار ومستويات زوار المتحف.
وتتميز المتاحف الجديدة بتركيزها أيضاً على الفعاليات والأنشطة الاجتماعية والثقافية والعلمية التي تحتضنها، إضافة إلى طرح أجزاء من المتحف للاستثمار، بما يشجع الإقبال على هذه المتاحف لتكون معالم حضارية تسهم في تنشيط الحركة السياحية والثقافية.
متاحف العلا (3 متاحف)
وفي محافظة العلا هناك 3 متاحف انتقلت قبل عامين من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني سابقاً إلى الهيئة الملكية لمحافظة العلا وهي: متحف الآثار والتراث بالعلا، متحف طريق الحج الشامي بالحجر، متحف سكة حديد الحجاز بالحجر.
المتاحف التابعة لجهات حكومية (26 متحفاً):
اهتمت عدد من الجهات الحكومية والجامعات والمراكز على إقامة متاحف متخصصة في مجالات مختلفة علمية وتراثية ودينية وغيرها وهي:
قاعة الملك عبدالعزيز التذكارية (دارة الملك عبدالعزيز، متحف صقر الجزيرة للطيران القوات الجوية الملكية السعودية، متحف الملك عبدالعزيز كلية الملك عبدالعزيز الحربية، متحف تاريخ العلوم والتقنية في الإسلام جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، متحف العملات مؤسسة النقد العربي السعودي، المتحف البريدي مؤسسة البريد السعودي، متحف الفيصل للفن العربي الإسلامي مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، متحف مكتبة الملك فهد الوطنية، متحف كلية الملك فهد الأمنية، واحة العلوم، متحف علم الحيوان، متحف الآثار في كلية السياحة والآثار - جامعة الملك سعود، متحف العقاقير في كلية الصيدلة - جامعة الملك سعود، متحف التشريح في كلية الطب جامعة الملك سعود، المتحف الجيولوجي كلية العلوم - جامعة الملك سعود، متحف عمارة الحرمين الشريفين - الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، متحف العلوم والتقنية في الإسلام جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، متحف جامعة أم القرى، متحف كلية علوم الأرض جامعة الملك عبد العزيز، متحف كلية علوم البحار جامعة الملك عبد العزيز، متحف الهيئة الملكية، مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي (أرامكو) ، متحف برج الساعة وقف الملك عبدالله لوالديه بمكة المكرمة.
المتحف الوطني بالرياض
يعد المتحف الوطني بالرياض أهم وأكبر المتاحف في المملكة، ووجهة سياحية وحضارية رئيسية في العاصمة. وحظي المتحف الوطني بعناية خاصة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حينما كان أميراً لمنطقة الرياض، وقد تم إنشاء هذا المتحف كأهم المتاحف في العالم العربي، وافتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله- عام 1419هـ ضمن الافتتاح الكبير لمركز الملك عبدالعزيز التاريخي بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة على يد المغفور له الملك عبدالعزيز -رحمه الله - الرياض، لذلك فإن أقل ما نقوم به اليوم بعد مرور كل هذه السنوات أن نعيد لهذا المعلم المهم رونقه وبهجته ونطوره هدية منا لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ووفاء لمبادرته الرائدة بإنشاء هذا المتحف في فترة وجيرة وبمقاييس معمارية فريدة.
وتبلغ المساحة الإجمالية للمتحف الوطني ثمانية وعشرين ألف متر مربع، ويشتمل على معروضات متنوعة وقطع أثرية ووثائق ومخطوطات ولوحات للعرض بالإضافة إلى الأفلام الوثائقية والعلمية.
ويبلغ عدد القطع المعروضة في المتحف حالياً 3700 قطعة أثرية وتراثية موزعة على القاعات الثماني بينما يبلغ عدد القطع المحفوظة بالمستودعات حوالي 50000 قطعة.
210 متاحف خاصة
ويقوم قطاع التراث الوطني بدعم المتاحف الخاصة لتكون مؤهلة لمزاولة نشاطها المتحفي واستقبال الزوار، ويبلغ عدد المتاحف الخاصة 210 متاحف خاصة نصيب منطقة عسير منها 56 متحفاً تلتها الرياض بـ 45 متحفاً، والباقي توزعت على مختلف المدن السعودية، كما قامت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (سابقاً) بدعم بعض أصحاب المتاحف الخاصة بالحصول على أراض وقروض وصل بعضها إلى 8 ملايين ريال من بنك التسليف من أجل إقامة متاحفهم الخاصة.
إضافة إلى تدريب وتأهيل أصحاب المشاريع الخاصة من خلال دعمهم في الورش والمشاركات الخارجية والداخلية، والمشاركة في الفعاليات محلياً ودولياً، مع السعي بالتنسيق أن تكون هذه المتاحف على طريق المسارات السياحية.