فهد بن جليد
من خلال تجربتي الشخصية أشعر أنَّني تعوَّدتُ كثيراً على جلسة البيت والرجوع مبكراً بعد انتهاء المهام اليومية الرئيسة، هذه واحدة من النتائج والمكاسب الإيجابية في (زمن كورونا) التي أودُّ المحافظة عليها أطول مدة ممكنة، أعرف أصدقاء لم يُغادروا بيوتهم طوال الأسبوع الماضي رغم السماح بالتجول، نتيجة لعدم الحاجة لذلك وشعوراً بأهمية التباعد الاجتماعي في هذه المرحلة، إذا كُنتَ تعود إلى بيتك بشكل تلقائي فور انتهاء الحاجة لخروجك اليومي هذا مؤشر إيجابي حافظ عليه، أمَّا إذا كُنتَ تخرج دون حاجة تبعاً لعادة (ما قبل كورونا) راجع نفسك، لأنَّ المخاطر من حولك كثيرة، مُدة السماح بالتجول اليوم هي 14 ساعة، مُقابل منع جزئي لـ10 ساعات بالكاد تكفي للنوم والجلوس مع الأطفال، لذا لا أعرف وجهاً للشعور بالتذَّمر الذي يتحدث به (نفر) غير قليل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حول حبس البيت وانتظار تعليمات المرحلة الثالثة نهاية الشهر بفارغ الصبر.
قبل (كورونا) قيل (البيت للحريم) أي أنَّ من يجلس في المنزل هم النساء والأطفال والعجائز فقط، لذا تجد الغالبية من الرجال يتظاهرون بالانشغال والارتباط خارج المنزل حتى لو كان للجلوس في المقاهي والاستراحات، بل إنَّ الرجل الذي يخرج من (دوامه) إلى بيته يوصف بالـ(بيتوتي)، شخصياً كنتُ أميل لقناعة أنَّ الجلوس في البيت يمنع (مباهج الحياة) ويُسبِّب (ألزهايمر) والاعتلال الجسدي والنفسي، بالاستناد للأبحاث العلمية والطبية وما قرأته عن مخاوف وأضرار الجلوس في البيت والعزلة التي تقلل الثقة بالنفس، تُصيب بالاكتئاب، تدني الحالة المزاجية، الشعور باليأس، تزيد الوزن، وتدخل الإنسان في دوامة فقدان العلاقات الاجتماعية.. إلخ من الأمراض التي لها بداية وليس لها نهاية، وإذا كان الأمر كذلك فإنَّنا نرتكب جريمة صامتة بحق (نسائنا وأطفالنا) الذين يجلسون في البيوت طوال أوقاتهم وأعمارهم.
بالتجربة (الجماعية) في (زمن كورونا)، ثم التجربة (الفردية والشخصية) الاختيارية، وجدت أنَّ جميع ما ذُكر من مخاوف (غير دقيقة ومُبالغ فيها)، ولو كُنَّا نعلم فوائد ونعمة الجلوس لأطول وقت مُمكن في البيت قبل (كورونا)، والاستمتاع بالوقت والراحة والسكينة (لزاحمنا النساء عليها)، خصوصاً وهنَّ يضطلعن بمهام وأدوار ومسؤوليات أوسع خارج المنزل.
وعلى دروب الخير نلتقي.