فوزية الجار الله
أولاً:
منذ زمن قطعت عهداً على نفسي بأن أحصن روحي وذاكرتي من الأدران وألا أعكر أوقات الصفو الجميلة بتصفح أحداث العالم الثقيلة والمقيتة والصاخبة، تلك الأوقات الشفافة تتطلب الهدوء والاسترخاء والاستكانة.. إلا أنني وربما بدافع من فضول شديد للمتابعة والتعرف على آخر المستجدات، فلأول مرة منذ زمن طويل لم نشهد مثل هذا الصخب في شوارع أمريكا التي كانت حلم الكثير من البشر الذين طالما تخيلوا بأنها نبع الحضارة والتقدم، كنا نظن بأنها أصبحت أكثر استقراراً وهدوءاً بفضل الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، إلا أن هذه القناعات بدت قواعدها تهتز بشدة وتوشك على السقوط!
كم كان صادماً مشهد قتل الشرطة لـ «جورج فلويد» لأسباب في غاية التفاهة لا يمكن أن تؤدي إلى القتل، ربما وقعت أحداث مشابهة منذ زمن لكن ربما لم تكن بمثل هذه البشاعة، حيث استباح رجال الشرطة الذين يمثلون سلطة الدولة قتل إنسان بريء، ثم مشهد مهاجمة واقتحام المحلات التجارية والسلب والنهب بلا حدود، تلك المشاهد أعادت إلى ذاكرتي المشاهد ذاتها التي حدثت في بغداد بعد سقوطها على أيدي عناصر الجيش الأمريكي.
بدافع من فضول لم أستطع قمعه أو منعه تابعت تلك الأحداث العنيفة في ذلك الفجر المبكر منذ بضعة أيام، حيث كانت الأحداث في قمة اشتعالها، وحيث لا ندري متى وكيف سيتم حسمها؟!. الذي حدث أنني غفوت قليلاً لأرى في المنام كوابيس مفجعة مشابهة لما رأيته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكنت مثل براقش التي جنت على نفسها؛ ولعلي لا أعود لمثل ذلك مرة أخرى!
***
ثانياً:
تبدو هذه الأيام صعبة قاسية علينا جميعاً، حيث نكافح هذا الوباء بشتى الطرق، وحيث نحاول جميعاً تجاوزها بأقصى ما نستطيع من من قوة ورغبة في الحياة، ولعل أسوأ ما فيها تلك المعلومات المتضاربة من هنا وهناك، على سبيل المثال:
1- أعلنت أكثر من دولة تمكنها من الحصول على العقار الذي سيعالج «كورونا» مثل: الصين، مصر، تركيا، فرنسا، أمريكا... إلخ! تتفاوت هذه المعلومات في مدى مصداقيتها، لكن حتى الآن لم يتم اعتماد أحدها.
2- فيما يتعلق بطبيعة الفيروس وطريقة التعامل معه، بعضهم يقولون ينتشر على الأسطح وفي قواعد الأحذية وفئة أخرى تنفي ذلك.
3- بالنسبة للكمامة حدث ولا حرج، في البداية قيل لنا يمكنكم استخدام أي قناع، الرجال يمكنهم عمل لثام من الغترة أو الشماغ والنساء يمكنهن الاكتفاء بالنقاب، ثم ظهر مؤخراً أحد الأطباء ليحذر من استخدام الكمامة القماشية ويدعو إلى التمسك بالكمامة الطبية وحسب.
4- وأخيراً والأكثر إثارة للدهشة تلك المعلومات المتضاربة حول جائحة كورونا برمتها، بعضهم يقول هو وباء ناتج عن فيروس حقيقي؛ وفئة أخرى ترى بأن الأمر ليس إلا مؤامرة، وأن الوباء ناشئ عن فيروس تم تصنيعه في أحد المعامل، وأن الحقيقة ستظهر عاجلاً أم آجلاً.. اللهم اكفنا شر الحيرة، أما الحقيقة فالله وحده كفيل بها.