سمر المقرن
برغم كل الألم الذي نعيشه هذه الأيام مع جائحة كورونا، إلا أن هذه التجربة ليست سلبية بالكامل فهناك وجوه إيجابية تضيء من نوافذها، ولعل تقويض مظاهر الإسراف على الحفلات والأعراس من أبرزها، بسبب التمسك ببعض العادات الاجتماعية البالية التي تشهد إسرافا غير مقبول يمثل أول مسمار في نعش الحياة الزوجية المستقبلية للعروسين، فتغرقهم في محيط الديون والقروض بسبب مظاهر كاذبة. وحتى لو كان الزوجين ميسورين فهناك أولويات أخرى يمكن أن تذهب إليها الأموال التي تُنفق على حفل زفاف لا يستمر أكثر من ساعتين أو ثلاث على الأكثر! ورب ضارة نافعة فقد جاءت جانحة كورونا لتقوّض هذه المظاهر، فنشهد تقليصا واضحاً بسبب منع التجمعات خوفاً من انتقال العدوى، فخفضت ما يتم إنفاقه بشكل كبير وأقيمت كثير من الحفلات البسيطة التي شهدت مظاهر فرحة عارمة برغم اقتصارها على عدد من أهل العروسين دون بهرجة أو إسراف، ولعل هذا يكون منهجاً للفترة المقبلة حتى بعد اختفاء كورونا واستمرار الحفلات المختصرة لن تمنع الفرح أو الإشهار إطلاقا، ولكن تقف سداً منيعاً أمام محرقة الأموال المصغرة التي كانت تتم في كثير من حفلات الزفاف التي كانت تُقام كل يوم، إما بشراء المدعوين لملابس ومجوهرات أو اكسسوارات باهظة الثمن خاصة بيوم الزفاف ولا يرتدونها إلا ساعات معدودة في حياتهم ثم يكون مصيرها الموت في الدواليب، أو بإهدار أطعمة خاصة بيوم الزفاف قد تُلقى في سلة المهملات لأنها زائدة جدا عن حاجة المدعوين! ومظاهر إسراف عديدة أخرى لا تقتصر على الملابس والمجوهرات والطعام بل هناك تفاصيل صغيرة إلا أنها كبيرة جداً في مصروفاتها، كل هذا يحدث ليرى الناس قدرات أهل حفل الزفاف واستعراض ما لديهم بعيداً عن الفرح الحقيقي! وليس غريباً ولا مستبعدا، أن ترافق مثل هذه الحفلات مشاكل لا حصر لها قد تقع بين العروسين وأهاليهم عند ترتيبات حفلات الزفاف المبالغ فيها بدعوى أنها ليلة العمر، فأي عمر هذا الذي يبدأ بالتبذير والهدر، بل إن هذه المبالغات قد تتسبب في عزوف كثير من الشباب من الجنسين عن الزواج بسبب تكلفة تلك الليلة التي تحول الزفاف من مودة ورحمة وفرحة إلى محرقة مصغرة للأموال!