التعليم من أهم رواسي المجتمعات وتطورها التي تحرص جميع الدول لأن يكون التعليم متطوراً مُواكباً لأحدث التقنيات والتوجهات التربوية الحديثة. وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية اتخذت خُطوات متقدِّمة في هذا الاتجاه والذي أصبحنا نشاهد أبناء هذا الوطن يقودون دفة رؤية المملكة 2030 بكل اقتدار وتمكين.
الأشخاص الصُم وضعاف السمع هم جزءٌ من هذا المجتمع، حيث يبلغ عدد الصم ما يقارب 700 ألف من عدد سكان المملكة العربية السعودية وهذا الرقم غير دقيق لعدم وجود إحصائية دقيقة بالعدد الفعلي للأسف. فدمج مجتمع الصُم بمجتمعهم أصبح من الحقوق الواجبة لهم.
الشخص الأصم لديه من المقومات مثل ما لدى أقرانهم من السامعين ما عدا فقدان حاسة السمع. تعليم الصُم يعتمد على ثنائي اللغة ثنائي الثقافة أي تعليم لغة الإشارة بشكل أساسي في المراحل الأولى من التعليم ومن ثم تعليم اللغة العربية في المراحل التالية، وذلك لضمان اندماج الأصم في المجتمع المحيط به. حالياً الأصم يتلقى تعليمه في برامج التربية الخاصة التابعة لوزارة التعليم، إلا أنه غالباً ما يتم التعليم بتلك البرامج بلغة الإشارة بشكل مكثّف وضعف في تعليم اللغة العربية. وهذا لا يحقق أهم أهداف الدمج بالمجتمع، ومن حق هذه الفئة العلم والدراية بلغة مجتمعهم لضمان التكييف المجتمعي بذلك. لك أن تتصوَّر معي عدم استطاعتك قراءة الإرشادات المرورية بالطرقات فبالتالي مخالفتك لقواعد السير وحدوث الكوارث المرورية وقتها. فتعلّم القراءة والكتابة أمر أساسي في حياتنا جميعاً. القراءة والكتابة من أهم المهارات اللغوية التي يجب على جميع الأشخاص في المجتمع إتقانها، لأنها الوسيلة الأولى في تلقي المعلومة في كافة المجالات ولأنها اللبنة الأولى التي تساعد الفرد بخدمة مجتمعه ووطنه على كافة الأصعدة. القليل من فئة الصم قام بتطوير نفسه لغوياً وتحدى العقبات التي أمامه ووصل إلى مراحل تعليمية متقدِّمة من جامعات خارجية وذلك بجهود فردية، لكن إذا كانت هذه القلة سنحت لهم الفرصة المادية والمجتمعية لمواصلة تعليمهم، لماذا نحرم البقية من شباب وشابات الصم فرصة إكمال تعليمهم داخل وطنهم مثل بقية أقرانهم؟!
في السنوات القريبة الماضية قامت جامعة الملك سعود بالرياض بفتح برنامج للتعليم العالي للصم والذي بدوره أعطى الأصم فرصة للحصول على الشهادة الجامعية والتي يسبق الدراسة الجامعية سنة تأهيلية في اللغة العربية. هذه الفرصة انتظرها الكثير من الشباب والشابات من فئة الصم، إلا أن عدد المقاعد محدود لذلك. هذه الخطوة في جامعتنا تعتبر رائعة لكن ما زال الأشخاص الصم يطمحون إلى فتح القبول لهم بكافة الجامعات السعودية وإعطائهم الفرصة لإكمال مسيرتهم التعليمية. الأشخاص الصم لا ينقصهم الطموح أو الشغف لكن ما ينقصهم هو الفرصة التي أتمنى أن لا تتأخر عليهم.
التقنيات الحديثة في مجال التعليم كثيرة، لكن للأسف التعليم الإلكتروني للغة العربية شحيح جداً. المجال كبير لوزارة التعليم والجامعات السعودية في تبني الأفكار التي تدعم هذا التوجه بتعليم اللغة العربية عبر تطبيقات الهواتف الذكية أو عبر المواقع الإلكترونية بطريقة ممتعة لذلك. على سبيل المثال لا الحصر بذلك، موقع إلكتروني يتم فيه شرح القاعدة النحوية وتليها مجموعة من الأسئلة على شكل لعبة، مثل اللعب بالهاتف الذكي ويلزم الانتقال من مرحلة إلى أخرى لا بد من الإجابة على قاعدة نحوية أو سؤال إملائي. وبذلك حققنا شرح القاعدة النحوية ومكنّا الطالب من ممارسة تلك القاعدة بطريقة سهلة ممتعة. تعليم القراءة والكتابة لا يقتصر على الدروس الحضورية فقط، فثورة التقنيات في التعليم قادمة لا محالة، لكن من الأفضل أن نواكب التطور التقني في التعليم بدعم تلك المشاريع التي تبذل كل جهدها لتواكب موجة تقنيات التعليم والذي تخدم توجه وزارة التعليم أيضاً وتحقق طموح الكثير من الطلاب وخصوصاً من فئة الصم.