د. محمد عبدالله الخازم
يبدو أن فئة المعيدين والمحاضرين تسبِّب قلقًا لدى مسؤولي الجامعات بسبب فرضية ترسخت في وسطنا الجامعي بأن الجميع يجب أن يحصل على الدكتوراه ليكون عضو هيئة تدريس نافعًا. هناك معيدون ومحاضرون لسبب أو لآخر لم يكملوا مشوارهم بالحصول على الدكتوراه؛ فكان التفكير في كيفية التخلص منهم..
في النظام من لا يستطيع مواصلة دراسته العليا يتم تحويله إلى وظيفة إدارية، لكن الوظائف الإدارية لا تتوافر، ولها مؤهلاتها ومتطلباتها التي قد لا تناسب تخصص المعيد. كما أنه كان يحق للمحاضر حامل الماجستير وفق متطلبات معينة تعيينه أستاذًا مساعدًا ولو لم يحمل شهادة الدكتوراه، لكن هذه الفقرة لا تطبَّق، ويعتبرون أنها كانت استثناءً في زمن الندرة لبعض التخصصات.
لنكن واقعيين، حامل الماجستير أو البكالوريوس صاحب الخبرة المهنية يمكنه القيام بمهمة التدريس الجامعي. ولي خبرة في هذا المجال؛ إذ أسهمت مع الزملاء في تأسيس برامج أكاديمية حديثة في جامعتَين، لم يكن يتوافر فيهما أساتذة يحملون لقب الدكتوراه، فاستعنا في تأسيسها بكفاءات مهنية، تحمل البكالوريوس والماجستير فقط. بعض التخصصات لا تحتاج إلى كل هؤلاء الدكاترة لتدريسها. التدريس ليس مهارة مرتبطة بالدكتوراه، ولكننا أمام أنظمة تجبر الجميع على الدكتوراه، وأحيانًا في تخصصات ليست هي صلب تخصصهم المهني، ولكنهم مضطرون لذلك. من وسائل دعم التجربة التي مررنا بها تأهيل حَمَلة البكالوريوس أو الماجستير للتعليم أو التدريس الجامعي عبر إلحاقهم بدورات أو دبلومات أو ماجستير في تعليم التخصصات الصحية. أبدعوا حين تم تزويدهم بمهارات التعليم، ولديهم سابقًا الخبرة المهنية. والشيء بالشيء يذكر، فقد كتبتُ أكثر من مرة أنني لا أفضّل تعيين معيد بالجامعة حديث التخرج، ويجب أن يكون لديه خبرة، بالذات أصحاب التخصصات المهنية، لا تقل عن سنتين في مجاله. كما نصحتُ مسؤولي جامعة أهلية في أحد اللقاءات بأن يكون ثلث أساتذة الجامعة القائمين بالتدريس محاضرين أو معيدين أو طلاب دراسات عليا، وثلث يتم التعاقد معهم جزئيًّا بالساعة أو المكافأة أو العقد السنوي، وثلث فقط هم على وظائف ثابتة.
اليوم أطرح مقترحًا آخر لحل إشكالية وقلق وظائف المحاضرين والمعيدين. تحديدًا أقترح إيجاد سُلَّم لهذه الوظائف: معيد/ مساعد محاضر، محاضر، محاضر أول، محاضر متخصص. يُعيَّن على وظيفة مساعد محاضر، أو معيد، وأغلبنا لا يفهم مبرر تسميته معيدًا. حامل البكالوريوس بعقد سنوي، وبعلاوة سنوية لا تزيد على ثلاث علاوات، أي ثلاث سنوات ويتوقف راتبه، أو تتوقف وظيفته. ويُعيَّن على وظيفة محاضِر مَن يحمل الماجستير وبسُلّم وظيفي لمدة 4-5 سنوات، بعدها يرقى إلى محاضر أول بسُلّم لمدة مماثلة في حال تميُّزه ومشاركته الفاعلة في التدريس والبحث والتدريب، والحصول على تطوير مهني مناسب.. إلخ. وللمتميز الباحث والمتخصص منهم يمكن ترقيته إلى محاضر متخصص أو إلى أستاذ مساعد وفق شروط مقننة لذلك.
الخلاصة: ليس بالضرورة أن يحمل الجميع الدكتوراه، وليس بالضرورة أن نفصل محاضرًا متميزًا، يمتلك الخبرة والكفاءة، ونحن بحاجة إليه. الدكتوراه نحتاج إليها لغرض البحث العلمي، لكن التدريس للمواد الأساسية يكفيها الماجستير.