مها محمد الشريف
عندما تضع مصر خيار اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي على الطاولة، في مسألة مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا، فهذا يعني استمرار الخلافات بين الجانبين بشأن القضايا العالقة في المفاوضات. وهذا يترجم الإحساس المفرط بالأحقية في كل شيء من جانب إثيوبيا بحيث تتوقع معاملة خاصة دونما وجه حق أو إذعان الآخرين لتحقيق رغباتها، والافتقار إلى روح المسؤولية وذلك جعل لجوء مصر إلى مجلس الأمن الدولي خطوة قادمة في طرح قضية سد النهضة.
لم يعد في عالم اليوم متسع من المماطلة فقد أصبح كل شيء في حياتنا متاحًا للجميع بحيث يكون تمييز الصواب من الخطأ موجودًا على أرض الواقع عن طريق الحقيقة الجديدة المتمثلة في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي ذات السياق قال وزير الخارجية المصري سامح شكري: «إن القاهرة قد تلجأ إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للحيلولة دون اتخاذ إثيوبيا إجراء أحادي يؤثر سلبًا في حقوق مصر المائية، وحذر من أن بلاده «ستضطر إلى بحث خيارات سياسية أخرى، في حال تعنت إثيوبيا في أزمة سد النهضة».
إن العرب بحاجة للعمل على أمنهم القومي بطرق مختلفة ولا يسمح لتلك الدول أن تحاول الابتزاز أو تقوم بأدوار ضارة لاقتصادهم في قضية الأمن المائي للعالم العربي، أما الأمر الأهم بهذا الخصوص هو تسييس قضايا المياه في الشرق الأوسط وطرائق تفكيرهم وقد يُعزي الأمر إلى الدافع أو الفائدة المبتغاة فتعتمد على وسائل أساسية للتلاعب، ومع هذا تحاول الدول العربية إيجاد حلول لهذه الأزمة المائية سواء فقر مائي أو عجز مائي، فعلى مر التاريخ سعت لأولئك الذين يحترفون تحريك قضايانا نحو المستحيل والإفادة من ذلك بصرف النظر عن الهدف.
قد يتبادر إلى الذهن مجموعة من الأسئلة مثل، هل الأمن المائي للعالم العربي في خطر؟ ومتى تحل نزاعات الشرق الأوسط للمياه؟، فالعراق وسوريا قد يكونان مهددتين بجفاف مصادر المياه من نهري دجلة والفرات بعد أن بدأت تركيا بملء «سد أليسو» الذي حجب نحو نصف كميات المياه عن نهر دجلة في العراق، إضافة إلى ذلك قامت إيران بتغيير مجرى روافد نهر دجلة، ما عجل بجفاف النهر.
هذا السلوك يجعل الأمر كله وسيلة أكثر نجوعًا للسيطرة، بانخفاض مناسيب المياه إلى حد كبير، وهو ما أثار رعب المواطنين من جفاف سيضرب مناطقهم ومحاصيلهم الزراعية. والعراق ليس من دول المنبع وبالتالي لا يوجد لديه سوى الحوار والتفاهم والتفاوض مع تركيا لحل أزمة المياه في العراق، بحسب المسؤولين العراقيين.
وعلى الرغم من هذا كله، 12 دولة عربية تعاني من ضعف الموارد المائية وبما أنه لا يوجد مصادر مياه كبيرة تنبع من العالم العربي فإن الخطر المستقبلي سيكون كبيرًا حيث تتوقع بعض الدراسات أن تنخفض كميات المياه بالدول العربية إلى النصف في عام 2050 م وذلك بالنظر للمصادر الطبيعية بعيدًا عن تحلية مياه البحر المكلفة جدًا وقد أكَّد الدكتور محمود أبو زيد، رئيس المجلس العربي للمياه، أن الأمن المائي يشكل أحد أهم ركائز الأمن القومي العربي، خاصة في ضوء التحديات الطبيعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية التي تواجه المنطقة على المستويين الوطني والقومي مما يستدعي حقيقة تحركًا عربيًا جماعيًا لحفظ الأمن المائي العربي.