فضل بن سعد البوعينين
بات الفشل ملازما للنظام القطري في جميع قضاياه القانونية المقدمة للمنظمات والهيئات الدولية، ومنها قضيته المرفوعة أمام منظمة التجارة العالمية وادعاؤه بإخلال المملكة في تطبيق اتفاقية التجارة المتعلقة بجوانب حقوق الملكية الفكرية (تريبس).
راهنت قطر على قضيتها المرفوعة أمام منظمة التجارة، وأنفقت من أجلها مئات الملايين، واعتبرتها قاعدة الانطلاقة لمطالبات تعويضية ضخمة تتجاوز قضية «الملكية الفكرية» إلى ملف المقاطعة، وهو أمر لا يخلو من السذاجة القانونية والسياسية، والجهل بالقوانين الدولية.
أسقط فريق تحكيم منظمة التجارة 5 ادعاءات من أصل 6 تضمنتها الادعاءات القطرية، وهو أمر لافت يكشف عن ضعف قانوني ملازم للنظام القطري، وادعاءات كاذبة دأب على تسويقها عالميا، ويبدو أن نجاحه في تضليل شعبه وبعض الشعوب العربية إعلاميا دفعه لاستنساخ الدور نفسه في أروقة المنظمات الدولية متجاهلا آلية عمل فرق التقاضي التي تعتمد القانون والقرائن أساسا لتعاملاتها في معالجة الخلافات التجارية. كما أنه كشف عن كفاءة سعودية في الجوانب القانونية والدبلوماسية مكنتها من إفشال قضايا قطر الكيدية، وتعريتها أمام المجتمع الدولي، والحصول على أحكام مهمة تعزز مكاسبها، وتؤكد سلامة موقفها القانوني من القضية القطرية.
لم يتوقف الفشل القطري عند إسقاط خمسة ادعاءات كاذبة، بل تسبب في تأكيد منظمة التجارة العالمية، ومن خلال حكمها المعلن؛ أن إجراءات المملكة ضد قطر كانت ضرورية لحماية أمنها، وأن قطع علاقتها مع الدوحة كان بسبب تنصلها من الاتفاقيات؛ ما أعطى الحكم أهمية قصوى كونه صادرا عن منظمة دولية، وأنه الحكم الأول الذي يقر بأن إجراءات السعودية المتخذة ضد قطر مبررة لحماية مصالحها الأمنية. سعت المملكة، معتمدة على القانون الدولي؛ لتحقيق أمنها وحماية شعبها من الإرهاب القطري وأدوات دعمه وفي مقدمتها الإعلام الموجه الذي استغل القطاع الرياضي في تمرير رسائله العدائية ونشر الكراهية. وهو حق دعمته مادة الاستثناءات الأمنية في اتفاقية المنظمة والتي تنص على «إمكانية اتخاذ الدولة العضو إجراءات تعتبرها ضرورية لحماية مصالحها الأمنية الأساسية في حالة وجود حالة طوارئ في العلاقات الدولية بينهما».
ورغم الفشل، حاول الإعلام القطري، وكعادته، إبراز الانتصار الصوري وتضليل الرأي العام، والتركيز على استنتاج واحد فقط يتعلق بتقديم الإجراءات القضائية الخاصة بالملكية الفكرية، والذي لم يتطلب توصية بإجراء محدد من قبل الفريق القانوني. ومن المؤسف أن تشارك بعض وكالات الأنباء ومنها رويترز، في تضليل الرأي العام باجتزاء تقرير التحكيم من أجل إخفاء الحكم بإسقاط خمسة ادعاءات كاذبة من أصل ستة. وللتذكير فإن آلة الإعلام القطرية، والنائب العام القطري، تحدثوا عن مطالبة المملكة بغرامات مالية تصل إلى مليارات الدولارات، حين رفع القضية، وهو ما لم يُحكم به!، مع رفض المنظمة مزاعمهم بقرصنة حقوق البث وتأكيدها بحق المملكة السيادي في اتخاذ الإجراءات المحققة لأمنها واستقرارها، ومواجهة التهديدات الإرهابية القطرية وفق القانون الدولي.