فهد بن جليد
لماذا علينا الاطمئنان مع تزايد أرقام المُصابين بفيروس (كورونا) وتسجيل حالات أكثر؟ خصوصًا ونحن نقترب من الفصل الأهم من مراحل العودة للحياة الطبيعية في السعودية؟ الفكرة باختصار أن الأرقام المُسجَّلة تبدو نتيجة طبيعية للتوسع في الفحص الذي تقوم به وزارة الصحة مشكورة ضمن خطط مواجهة الجائحة، ما يعني أنَّنا أصبحنا نبحث عن الإصابات ونصل إليها - قبل أن يشعر المُصاب بأي أعراض- لتتم مُحاصرة المرض ومنع انتقال العدوى بالمُخالطة ليتم قطع سلسلة الانتشار، وبالتالي الأرقام المُعلنة تعني مُصابين يحملون الفيروس وليسوا مرضى يُعانون أعراضه -والفرق كبير بين المفهومين- عكس المراحل السابقة التي كان التعامل فيها مع أرقام مُحدَّدة تصل إلى المشافي عقب ظهور الأعراض، فالتعامل هنا يتم مع حالات تحتاج رعاية صحية أو خطوات رقابية وعزل، الواضح أنَّنا اليوم نتحكم -بفضل الله- في خريطة المرض والسيطرة على بؤر انتشاره أكثر من أي وقت مضى.
هذا لا يعني إغفال تأثير المُخالطة المُجتمعية الخاطئة ودورها السلبي، الذي تحدَّثت عنه وزارة الصحة أكثر من مرة وكيف أنه أسهم في إصابات، ما يعني وجوب الشعور بالمسؤولية معهما كانت التوصية أو القرار الذي سيتخذ في المرحلة المُقبلة، بعض الصور السلبية الفردية بعدم التمسك بالتعليمات الصحية والالتزام بها لا تعكس الثقافة السعودية، فمُجتمعنا أثبت أنه على درجة كبيرة جدًا من الوعي والمسؤولية، بتناغمه مع التطورات بكل ثقة وقدرة والتزامه بالاحتياطات والتعليمات الواجبة في هذا الشأن طوال المراحل السابقة، وهو الأمر المتوقع الاستمرار عليه في (قادم الأيام) أيضًا.
المواجهة الحقيقية بيننا وبين (كورونا) تتمثل في قدرتنا على العودة الطبيعية للحياة بحذر، وتجاوز آثار وصعوبات الفيروس التي خلفها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والنفسي قبل آثاره الصحية الموجعة في كل مكان في العالم، دول عديدة بدأت رحلة الاستئناف (بشكل كامل) بغض النظر عن كون تسجيل أعداد المُصابين الجُدد لديها يأتي بخطة مُحكمة ومدروسة أم لا، هؤلاء لم يستطيعوا تحمل الضغوط الاقتصادية أكثر، بينما ثقتنا لا حدود لها بأنَّنا نملك اليوم -بفضل الله- فرصة العودة بحذر وتحكم، فالعبرة دائمًا بإعداد الحالات الحرجة مُقارنة بالإمكانات والقدرات الصحية المتوافرة والكبيرة، وليست بأرقام (الإصابات) فقط.
وعلى دروب الخير نلتقي.