د. محمد بن إبراهيم الملحم
الفسحة وما أدراك ما الفسحة، في المدرسة الكوفيدية لن تكون الفسحة كما كانت سابقاً، فبالنسبة للمعلمين سيكونون مشغولين أكثر للمراقبة والتأكد أن الطلاب منضبطون في هذه الفترة بالتباعد وعدم سلوك أي مسلك يخالف الإجراءات والتعليمات العامة للسلامة الصحية، كما أن الوجبة الغذائية لن تكون كما كانت سابقاً، فالطالب إما سيحضر وجبته معه من المنزل، أو أن المقصف سيكتفي ببيع المغلفات العادية ولن تكون هناك سندوتشات أو أية مأكولات مشابهة، وستكون عملية البيع والتسليم بإجراءات تضمن السلامة من العدوى قدر الإمكان.
يتوقع أيضاً أن تتوقف المدارس عن جعل الفسحة في الصالات المغلقة، بل تطلب من جميع الطلاب الخروج للساحات المفتوحة وهو الأمر المحبذ في إجراءات السلامة من العدوى، وهذا باستثناء حالات الطقس غير المعتاد كالمطر والحر الشديد، فعندها يتوقّع أن تكون هناك إجراءات مرسومة للمدرسة الكوفيدية لكي تتبعها عند استخدام الصالات المغلقة لفسحة الطلاب أو الطالبات. وقياساً على ذلك فقد تلجأ بعض المدارس إلى إلغاء فقرة الصلاة في المدرسة واللجوء إلى «صلوا في رحالكم أو بيوتكم» كبديل وإن كنت لا أدعو إلى ذلك بالنسبة للمدارس التي تمتلك صالات كبيرة فسيحة وواسعة مع عدد مناسب أو قليل من الطلاب، فحيثما تسنى للمدرسة إمكانية تطبيق نسبة التباعد في صفوف الصلاة وما بين المصلين فإن عقد الصلاة في المدرسة لتعويد الطلاب والطالبات عليها فقرة تربوية مهمة لا ينبغي التفريط فيها. أما بعض المدارس ضيّقة الممرات والصالات أو سيئة التهوية فإنه سيلزم البحث الفوري عن حلول لها إن كانت لا تملك ساحات خارجية، سواء بنقلها ضمن مدارس أخرى في فترات مسائية وهو إجراء يتبع في الطوارئ أو بتسريع استبدالها بمبان أخرى متاحة. وعموماً يجب أن تكون مسألة جودة التهوية في المبنى المدرسي مسألة أساسية في قرار افتتاح مدرسة ما كمدرسة كوفيدية.
سيكون المعلمون والمعلمات مشغولين بتوعية الأطفال ومراقبة سلوكهم باستمرار خصوصاً في الشهور الأولى من عمر المدرسة الكوفيدية، ولن تكون التوعية في الحصص فقط، بل حتى أثناء الفسح وعند الدخول أو الخروج من المدرسة، فالكل سيكونون خلية نحل في هذا الشأن، ولن يقتصر الأمر على الأطفال، بل حتى الطلبة الأكبر سناً سيحتاج المعلمون والمعلمات إلى مراقبتهم باستمرار للتأكد من السلوك سواء أثناء الحصص أو خارجها، فمثلاً تكرار لمس الوجه أو الاقتراب من الزملاء كثيراً سلوكيات لا بد أن يكون المعلم حساساً جداً لها ويعلّق عليها فور رصده لها للتنبيه والتحذير والتوجيه. الإدارة المدرسية أيضاً ستكون على الطرف الآخر ترصد وتتابع وتهتم بهذه الشؤون لتؤكد على المعلمين الحفاظ على تطبيق هذه الممارسة والاهتمام بها، كما أنها ستتعامل بحزم مع الطلاب المتهاونين خصوصاً في الفئات العمرية الأكبر سناً، حيث حالات الاستهتار والتهاون في تنفيذ الإجراءات متوقّعة جداً، ويفترض أن لديها أنظمة جديدة تساندها لردع مثل هذه التصرفات غير المبالية. وسيكون الحزم أيضاً مع المعلمين غير المتبعين للتعليمات الجديدة من خلال فقرات أنظمة الأداء الوظيفي لضمان التزام الجميع بالجدية في صياغة هوية وشكل المدرسة الكوفيدية الجديدة.
هذه الإجراءات تكون في قمتها عند افتتاح المدرسة في سبتمبر، حيث الأجواء تتدرج من بقايا حرارة الصيف المعتدلة إلى الخريف المتوازن ليأتي بعدها الشتاء وما أدارك ما الشتاء، حيث قد تتغيّر المعادلة، خاصة إذا استمرت الجائحة بنفس المعدلات تقريباً، فيتوقّع أن تحدث نكسة وارتفاعات مفاجئة في الإصابات، وهذا يعني ضرورة اتخاذ خطوتين تخطيطيتين: إجراءات أكثر تشدداً للشتاء، وخطة بديلة في حالة اللجوء للإغلاق التام -لا سمح الله- وعندما نقول «خطة» فليس المقصود أفكار وتصورات وإنما توفير مبكر لكامل التجهيزات اللازمة لتنفيذ تلك الخطة وعدم السماح للارتجالات والمفاجآت لتدمير مبادئ تلك الخطة «النظرية».
كيف سيكون الإشراف التربوي والاختبارات وشؤون أخرى هذا ما سأتحدث عنه لاحقاً - بإذن الله.