العاصمة المجرية بودابست هي الحدث، كيف لا وقد أضحت عاصمة للإعلام الرياضي العالمي باحتضانها المؤتمر السنوي الثالث والثمانين للاتحاد الدولي للصحافة الرياضية بتنظيم وضيافة مميزين.
كان لشهر فبراير الماضي في بودابست سحر خاص، فالتواصل مع الزملاء الإعلاميين من كل أنحاء العالم أشعرنا بحميمية الزمالة الصحفية، ودفء العلاقة الوجدانية التي تجمع المنتمين للسلطة الرابعة على الرغم من برودة الطقس حينها في جوهرة الدانوب. جدول أعمال مكثّف، ومنتج تُوّج بنقاش عميق مع رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السيد جياني انفانتينو تناول هموم الصحافة الرياضية وتحدياتها، وكان لكرة القدم ومستقبلها في ضوء التحديات التي تواجهها حصة الأسد في النقاشات.
كانت بودابست الفرصة الأمثل لي كرئيس للاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية لإعادة لم شمل عائلة الاتحاد، وإطلاق عجلة العمل من جديد على قاعدة الوحدة والتضامن بين أعضائه؛ خصوصًا بعد فترة عانينا فيها من وجود عراقيل بعضها معلومة وأسبابها مبررة، وبعضها الآخر مفتعلة من أصحاب العقول الضيقة، والمصالح الخاصة.
لا غضاضة أن أعترف أنني تأخرت ستة أشهر لطرح مشروع الاتحاد الآسيوي التطويري وخطته المستقبلية، فالمكان الطبيعي لمناقشة هذا المشروع كان في كونغرس الاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية في العاصمة الماليزية كوالالمبور في أغسطس من العام الماضي ولكن أصحاب الرؤوس الحامية والأحداث التخريبية التي رافقت المؤتمر دفعتني لتأجيل طرحه كي لا تضيع هذه الفرصة التطويرية في خضم الصراعات العبثية.
فرؤيتنا كانت تهدف إلى تحقيق الاستقلالية المالية للاتحاد من خلال إيجاد موارد ثابتة، وهذا ما نجحنا فيه إلى حد بعيد منذ العام الماضي باعتماد خطة تسويقية للتحفيز، كما حرصنا على إيجاد شركاء يؤمنون بأهمية الإعلام الرياضي ودوره في تطوير الرياضة، الأمر الذي انعكس إيجابًا على صندوق الاتحاد.
بالإضافة إلى ذلك، كان همنا الأكبر خلال الفترة الماضية السعي نحو تأمين مقر دائم للاتحاد، بعيدًا عن الحسابات والمتغيّرات الانتخابية، فعملنا على دراسة هذا المشروع وفق معايير تراعي الجوانب الجغرافية والتسويقية وسهولة إصدار التأشيرات وإقامة الفعاليات، وخلصنا لتصور واضح سنعرضه على الأعضاء في أقرب فرصة ممكنة. ولأننا نؤمن بأهمية التضامن بين أعضاء الاتحاد الآسيوي كانت الفكرة بإنشاء صندوق تضامن مهمته مساعدة الاتحادات ماديًا ولوجستيًا على تطوير قطاع الإعلام الرياضي في بلادها وتفعيل أنشطتها، ونحن بصدد الانتهاء من صياغة هذا المشروع وطرح طرق تمويله والمعايير التي على أساسها ستقدم المساعدات للاتحادات.
لا شك بأن مفتاح النجاح لأي مشروع هو العمل الجماعي، ومن هذا المنطلق كان التركيز على تطوير وتفعيل عمل اللجان المنبثقة عن الاتحاد، وزيادة صلاحياتها وإعطائها هامشاً أكبر من الاستقلالية لزيادة الإنتاجية وتعديل ما يتطلب من مواد من النظام الأساسي للاتحاد ليتواءم مع الدور الذي ستلعبه هذه اللجان في المستقبل على أن يلعب المكتب التنفيذي للاتحاد دور المراقب والمحاسب في آن.
مخطئ من يعتقد أن العمل الإداري في منظمة كالاتحاد الآسيوي هو السبيل الوحيد للنهوض والنجاح، فالعمل الإعلامي يوازيه أهمية، من هنا كانت الفكرة بإنشاء فريق عمل إعلامي متخصص يتولى نشر أخبار ونشاطات الاتحاد القاري، ويسهم في توسيع مساحة انتشار أخبار ونشاطات الاتحادات الوطنية المنضوية تحت عضويته، في وسائل الإعلام التقليدية وعلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي والسعي إلى الحفاظ على صورة الاتحاد وأهميته، والتعامل معها على أسس تسويقية، بالإضافة إلى المساهمة بفعالية بتغطية النشاطات الرياضية الآسيوية والعالمية عمومًا. في الختام أدين لجميع زملائي بالاعتذار للتأخر في طرح المرحلة الأولى من هذا المشروع، ولكنني أيضاً أدين لجميع الزملاء بقول الحقيقة، فأعداء النجاح يتربصون بالاتحاد الآسيوي عند كل المفارق بدءًا من كونغرس كوالالمبور الآسيوي، وصولاً لبودابست التي شهدت غداء عمل مشبوهاً توّهم من خطط له على قلتهم أنهم يملكون الكون، فيوزعون المناصب متجاوزين دور الجمعية العمومية للاتحاد التي لها وحدها الحق في تقرير من يمثّلها، وذلك في سابقة خطيرة بعيدة كل البعد عن القوانين المرعية، والعلاقات المحترمة، والتقاليد المتبعة، فضلاً عن شرف الانتماء لمهنة الصحافة، وأصول الزمالة فيها. اعتذر نيابةً عن الجميع من بودابست لأنهم لم يحترموا المكان الذي أحسن ضيافتهم وأشكرها لأنها أزالت الغشاوة عن أبصارنا وجعلتنا نعيد حساباتنا. ببساطة ما قبل بوادبست ليس كما بعده.
** **
سطام السهلي - رئيس الاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية