خالد الربيعان
عادت الليجا الإسبانية وكانت التجربة الأكثر متعةً حسب الكثيرين، في إيطاليا وألمانيا كان صوت اللاعبين والمدربين هو الصوت البشري الوحيد بالإستاد، كانت التجربة صعبة و»ناقصة»، تشعر بذلك النقص في أوقات عديدة، الأمر الذي كان يزعجك بين الحين والآخر بفكرة أو سؤال: ما العنصر الناقص؟»، «هناك شيئاً ما خطأ»، كانت الإجابة عن هذا السؤال «عملياً» في إسبانيا.
فكرة غير تقليدية، شجاعة، بسيطة وسهلة التنفيذ، تم استلهامها من ألعاب الفيديو كـ»الفيفا» التي تلعبها أنت وأطفالك، الجماهير الافتراضية، شكل غير واضح تماماً لكنه يوحي لك أثناء بث المباراة أن هناك جماهير أو أن المدرجات مليئة، ثم تمت إضافة الصوت كما مباريات «الليجا» قبل كابوس الـ كوفيد أذهبه الله عني وعنك وعن القراء.. إلى غير رجعة.
النتيجة كانت متعة بالفعل، لم نشعر كثيراً أن هناك فرقاً، كان هذا مؤثراً في المعنويات، خاصةً إذا علمت أن المعنويات والحالة النفسية مهمة في هذه الظروف لدرجة «خطيرة»، لدرجة تشديد الأطباء على الانتباه لها لأنها تؤثّر في المناعة نفسها ودرجة تقبُّل المرض من عدمه، ومقاومته: أو تركه ليتصرف «على راحته» في جسد ضعفت أهم وسائل مقاومته: «مناعة» ضعيفة نتيجة لـ»معنويات» ضعيفة.. شكراً لرابطة الليجا وفكرة بسيطة «مؤثرة».
هذا ينقلك لأهمية وجود عنصر الجماهير، وأن العملية بأكملها قائمة عليه، ولأجله، وبفضله، لذلك تفعل الأندية الكبرى المستحيل والصعب عليها وعلى إداراتها في ملف البنية التحتية: الإستاد الذي يجذب هذه الجماهير، اتساعه لأجل تحقيق هدف «امتلائه»، توفير المرافق التي تعزِّز هذا الجذب من متاحف ومتاجر، والوسائل الترفيهية كالمقاهي والمطاعم، وسبل الراحة والتسهيل كنقاط بيع ماركات عالمية وماكينات الصرف وساحات السيارات.
ملف البنية التحتية هو الرقم واحد.. في تجربة السيتي فوتبول الإماراتية 9 أندية أكبرهم وأولهم كان مانشستر سيتي، مفتاح النجاح كان «الإستاد» ثم ملحقاته حتى أصبح هناك «مدينة رياضية» بها 15 مبنى أولهم إستاد «الاتحاد» حتى أكاديمية الناشئين التي يجاورها آخر مشاريع هذا الملف: معهد يهتم بشؤون الصحة والأداء الفني.
في لندن كانت إدارة «توتنهام هوتسبر» تضع هذا الملف أولوية، كيفية تحويل «وايت هارت لين» لكيان أكبر وأحدث يحقق إستراتيجية المؤسسة وأهداف التسويق والاستثمار لتحقيق النجاح «الفني والمالي» معاً، الاكتفاء الذاتي المالي والبعد عن الديون وتحقيق مداخيل كبرى «فارقة»، كان رئيس النادي يخرج في أكثر من مناسبة يبرر للصحافة عدم الإنفاق على اللاعبين، أن أدفع 100 مليون يورو لأجل لاعب في هذه المرحلة مستحيل، هذه القيمة نحولها لخدمة ملف البنية التحتية، انتهى مشروع إستاد توتنهام الجديد العام الماضي بعد صعوبات كان آخرها الانتقال المؤقت لإستاد ويمبلي التاريخي المملوك للحكومة لموسم كامل مرهق، النتيجة أن أصول المؤسسة «الثابتة» أصبحت الأكبر عالمياً، من بين أكبر 30 نادياً هي الأضخم.. 1.1 مليار يورو، يأتي بعده آرسنال بقيمة 480 مليون.
في مدريد هناك مدينة النادي وهي الأصل في النجاح الفني والمالي معاً، هذه الأيام نشر النادي تقرير للإعلام والجمهور يشرح آخر تطورات مشروع البرنابيو الجديد الذي وُقِّعَت اتفاقيته العام الماضي بتمويل يقترب من 600 مليون يورو موعد استحقاقها 2050 ، العمل يجري منذ يونيو الماضي، تفكيك جانبيْ الإستاد وهدم مبنى وبناء 5 طوابق تحت الأرض.. بدون أن يشعر أحد. المعنى من كل هذا.. إن الإستاد هو العنصر الأهم لأنه يخدم من تقوم عليه كامل العملية الرياضية من الأساس..»الجماهير».. معنى نتمنى أن يصل وتعيه إدارات الأندية السعودية وقياداتها.. وواضعو خططها المستقبلية.
البداية تُلْزِم بالنهاية
إستاد كل ناد سعودي الخاص و»المستقل»: أولوية، مهما كان سير الأمور هذه السنوات، اعتبارها «مؤقتة» سواء كان الإستاد الحالي بالمشاركة أو بالاستعارة المؤقتة! لا يهم.. لكن البدء في ملف «البنية التحتية» هذه الفترة هو الأهم.. الأفكار ثم تبلورها لخطة محددة بميعاد بدء.. التمويل..التنفيذ.
إستاد «اليانز أرينا» التاريخي سبب نهضة البايرن وتسيده محلياً حتى مارس 1997 لم يكن موجوداً، وانتهى في 2005 أي بعد 8 سنوات من ظهور الفكرة وبدء العمل بها، إذن الإطار الزمني لا يهم طال أو قصر.. المهم البدء.. «ابدأ تَصِل».
* لا دولة بلا أرض، لا تعليم بلا مدرسة، لا علاج بلا مستشفى، لا رياضة بدون ملعب.