نعيش في عالم من الفردانية وأحادية الفكر وغياب معاني الإنسانية في فهم المختلف وقبوله. يتغَيب عن منظورنا مفاهيم القبول السامي للآخر المختلف.
المختلف ما زال مُقصى، مُهاجَمًا، متنمَّرًا عليه!
القبول ليس منهجًا يُتبَع، ولا كتابًا تقتني خطواته، القبول دافع فطري نقي، استجلابه صعب إن لم يكن مأصولاً ومُسقَى وممارسًا، وتمثيله سهل لكل متلون.
أقلية مَن هم يقبلون مَن يختلف عنهم رؤية ومنهاجًا..
أن تقبل مَن يُخالفك الرأي نُبل، وأن تتعايش مع من لا يشبهك تكامل، وأن تمنح من يختلف معك حُرية النقد مرونة. القبول مبدأ عميق، وتكوثر عقلي، وقيمة لا يمكن التعويض عنها، يتشكل السؤال العابر بأهميته:
هل القبول موروث ثقافي؟ أم هو تراكمات مرئية لجهود والديه؟
قد بيّن علماء النفس أن الإنسان يولد وعقله صفحه بيضاء، ومصدر أفكاره ومبادئه وقواعده تُكتسب بالتجربة فقط. هنا نستنهض مسؤولية المُربي الدفينة في كيفية تكريس وقته في تصحيح قناعاته قبل أن يكون أبًا. فعلى سبيل التنشئة المُربي الذي يبذر في هذا الكائن الإنسانية بشموليتها، وينبذ صغائر العنصرية الفكرية، ويوفر له بيئة لا تقولب الآخرين حسب ألوانهم، وتنمطهم حسب مناخاتها المزاجية، وتستبشع توجهاتهم، وتصنف درجة احترام مشاعرهم وفق بقعتهم الجغرافية أو لون جوازهم، حتمًا سيحصد نموذجًا بشريًّا يُحتذى به، ويكسب إنسانًا لديه القابلية والوفرة في علاقات ذات جودة اجتماعية متنامية. وعلى النقيض: من لا يتأهل لأن يكون غارسًا لمبدأ القبول لا يستحق أن يتوج بمقاليد الأبوة.
فعلى المربي أن يكسر إطاره الشخصي، ويصحح مفاهيمه بقوة تأصيل البذرة الأولى في الغرس، واتخاذه الحياد في عقل هذا الناشئ؛ ليصبح لديه ذهنية معيارية طيلة تمرحله المعرفي؛ فيتقبل الآخر قبولاً لا مشروط، ويؤمن بالتنوع المطلق في الأجناس والأعراق والطوائف.
فهذا الخليط من الدوافع والذكريات والصور الذهنية المليئة بتجارب الماضي يرجع أساس بنائه في كيفية المرور بمراحل النمو بشكل سليم، وكل ما يحدث في تاريخ هذا الكائن ينعكس في هيئة سلوك قويم ذي بصيرة اجتماعية، أو يظهر في عُقَد نفسية متجذرة، تظهر في أول تعامل اجتماعي له.
عزيزي المربي:
أديسون تعلم عشرة آلاف طريقة لاكتشاف الكهرباء، وأوجد طريقة استثمارية إنسانية لمن يحملون اسمك.
** **
- منال القحطاني
ManalAl90758685