فهد بن جليد
أجدُ نفسي مُلزماً بالعودة للبيت -لا إرادياً- قبل الساعة الثامنة مساء كل يوم, الموعد الذي ارتبط بمنع التجول في زمن (كورونا الفارط) مُنذ قليل, أصدقاء كثر تحدثتُ معهم (هم كذلك مثلي) رغم أنَّنا جميعاً نملكُ تصاريحَ للخروج في أوقات المنع بحسب طبيعة عمل كل مِنَّا, ولكنَّه الشعور بالراحة على ما يبدو والتعرّف على نوع جديد من الحياة المفقودة مع كثرة الأعمال والارتباطات, أكثر من مجرَّد الالتزام الذي هو واجب مفروغ منه, بعدم الخروج دون حاجة أو عمل في تلك الأيام الخالية التي عشناها بطبيعتها وتفاصيلها (للمرة الأولى) في حياتنا.
قبل عدة أيام لامني بعض المُتابعين عندما كتبتُ مقالاً تحت عنوان (لا تخسر أبناءك بعد كورونا) لأنَّني تحدثتُ عن تظاهر بعض الآباء والأزواج بالأهمية والانشغال, ببقائهم خارج المنزل أطول وقت ممكن, وعدم العودة مبكراً وتأخرهم في ذلك حتى لو بالذهاب للاستراحة أو الجلوس في المقهى أو حتى الدوران بالسيارة, والهدف ألاَّ يتعود الأبناء والزوجات على ذلك ويُطالبوا باستمرار العودة المبكرة في أيام قد تكون مليئة بالعمل, والواقع أنَّ (كورونا) كشف المستور ووضع النقاط على الحروف, فلا أهمية تسبق المنزل والعائلة, ولا مُبرِّر لغيابنا عنهم دون حاجة, وهذا ما يجب بالفعل في الأيام الطبيعية قبل أيام (كورونا) الاستثنائية.
تم رفعُ منع التجول طوال الـ 24 ساعة في كل مكان, وعادت الحياة في أغلب مناحيها لطبيعتها قبل (الفيروس) -برأيي- نحن نعبر الآن المنعطف الحقيقي والمؤشر الدقيق لمدى الاستفادة من الدرس السالف, فهل تبقى (الساعة الثامنة) موعداً ثابتاً وتلقائياً للعودة يجب احترامه وتقديسه للأسرة والبيت, بتكييف وترتيب كل الارتباطات والمواعيد الجديدة إلى ما قبل هذا الوقت قدر الإمكان, أم أنَّنا معشر الآباء والأزواج سنجدُ فيه متنفساً آخر, ولحظات خاصة للهروب على طريقة محمد عبده (يا قمرى ويا نجوم اشهدي..).
وعلى دروب الخير نلتقي.