يفخر كل سعودي بما وصلت إليه المملكة العربية السعودية من تقدُّم كبير في الوسائل التكنولوجية، والعمل الحكومي الإلكتروني، وعمل القطاع الخاص الإلكتروني. وشاركت المملكة العالم المتقدم بهذا العمل الحديث، سواء بالمعاملات الحكومية أو التجارية؛ وهو ما خلق الكثير من فرص العمل في هذا المجال التي لا تتطلب الحضور بشكل يومي لمقر العمل، بل تعتمد على العمل عن بُعد، وحتى أثناء تأدية عمل آخر. ولقد حققت المملكة مراكز متقدمة على مستوى العالم في مجال تقنية المعلومات والاتصالات التي تسمى الآن بـ(الثورة الصناعية الرابعة).
ويعرف الكول سنتر أو الخدمات الهاتفية للعملاء بأنه مركز اتصال للمؤسسات الحكومية أو الخاصة، يشغله عدد كبير من الموظفين بحجم أهمية القطاع الذي يتبع له. ويتمتع هؤلاء الموظفون بمعرفة لائحة عمل المؤسسة التي ينتمون لها، سواء حكومية أو خاصة؛ ليقوموا بالرد على استفسارات العملاء هاتفيًّا أو عن طريق رسائل الإيميل، ومساعدة العملاء على الحصول على الاستشارات أو الخدمات دون الحضور لمقر المؤسسة أو الجهة الرسمية. وكذلك فإن عمل هؤلاء الموظفين لا يتطلب الحضور اليومي، خاصة مع التطور التكنولوجي المعاصر الذي يسهل عملهم من خلال تحميل برنامج الخدمة الهاتفية على أجهزتهم الذكية الخاصة، سواء جهاز الهاتف النقال، أو جهاز الحاسب الآلي المحمول، أو الآيباد؛ وهو ما يسهل عملهم لمدة أطول، وفي أي وقت، وأي مكان.
ولا شك أن هذا العمل يعتبر من الأعمال الإدارية بالغة الأهمية، خاصة في الشركات والمؤسسات التجارية التي ينتمي لها عدد كبير من العملاء؛ إذ يتم استقبال عدد كبير من المكالمات الهاتفية من العملاء، وكذلك إصدار مكالمات للعملاء، ويتم استخدام هذا العمل بشكل كبير من قِبل إدارات المبيعات والتسويق والتحصيل، وكذلك مكاتب الدعم الفني والصيانة ومكاتب التوصيل؛ وهذا يتطلب الكثير من الموظفين؛ وهو ما يجعل الشركات تلجأ لخلق فرص عمل جزئي مقابل نسبة أو مبلغ مالي مقطوع بشكل شهري، ويكون مستوى العمل بتحديد عدد معين من المعاملات لكل موظف. وعلى سبيل المثال: أن يكون العدد الأدنى اليومي لكل موظف هو الرد على عشرة عملاء.
اليوم نرى في بلادنا الحبيبة الكثير من الشركات التي يعتمد عملها على خدمة العملاء الهاتفية، التي عند محاولة الاتصال بها من قِبل العميل يستغرق الرد على العميل وقتًا طويلاً جدًّا؛ وهو ما يخلق التذمر لدى العميل من هذا الوقت الطويل للحصول على الخدمة. وعلى الجانب الآخر نجد من الشباب السعودي من لديه الإمكانيات والوقت الكافي للقيام بهذا العمل كعمل جزئي، يزيد في دخله الشهري، ويقضي على وقت فراغه بالفائدة.
إن طبيعة هذا العمل هو الرد على العملاء بشكل مباشر أو غير مباشر، وتقديم أفضل خدمة لهم، ومتابعة معاملتهم حتى الانتهاء من تقديم الخدمة بشكل نهائي، وهذا يتطلب من موظف الخدمة الهاتفية نقل استفسار أو طلب العميل للإدارة المختصة صاحبة القرار في الحالات الصعبة، ويمكنه تقديم الخدمة للعميل دون الرجوع للإدارة المختصة على حسب نوع الخدمة، وهذا يعتمد على لائحة العمل المقدمة من الشركة لموظف الخدمة الهاتفية.
ولا شك في أن العمل الجزئي يعتبر أحد الأعمال الأكثر شيوعًا في العالم إلى جانب العمل الذي يتطلب الحضور الكامل لمقر العمل، وهو يخدم الشباب الطموح غير المفرغ بشكل كامل للبحث عن تطوير الذات، وزيادة الدخل، وخدمة المجتمع. ورغم أن هذا العمل غير دائم، بل يعتبر مؤقتًا، إلا أنه يجد إقبالاً كبيرًا من الشباب.
ومن هذه المعطيات أرى أن الشباب السعودي الطموح يرغب في هذا العمل كعمل جزئي، يساعده في توفير دخل إضافي لدخله الشهري. وهذا ما أناشد الشركات الموجودة في المملكة العربية السعودية القيام به بفتح المبادرات في هذا المجال للشباب السعودي من الجنسين للعمل في هذا النشاط الذي لا يتطلب الحضور بشكل يومي لمقر العمل، وذلك من خلال برنامج ذكي، يتم تحميله على الأجهزة الذكية لكل مؤسسة معنية؛ وهو ما يساعد في التوفير على الشركات والمؤسسات، ويسهم في زيادة الدخل لمن يرغب في زيادة دخله الشهري، وتطوير ذاته بمجالات أخرى.