د. محمد بن إبراهيم الملحم
سيكون هناك نظام إشرافي جديد يتمثل في أن الدروس عن بعد سيحضرها المشرف التربوي عن بعد أيضًا ويتمكن من تقديم نصائحه وتوصياته عن بعد أيضًا مما يقلل من الوقت المهدر في المشاوير والتنسيق المبكر، وهذا ما سيمكنه من الإشراف على عدد أكبر من المعلمين، دع عنك أصلاً أن عدد المعلمين عن بعد سيكون أقل كثيرًا مما كان يشرف عليه سابقًا لأن الواحد منهم أصبح يدرس عددًا أكبر من الطلاب في الحصة الواحدة (نتوقع مثلاً معلمًا واحدًا يدرس 100 أو 200 طالب دفعة واحدة وربما أكثر من ذلك)، أما المشرف التربوي الذي سيحضر إلى المدرسة للإشراف على سير عمليات التدريس «عن قرب» فسوف تحفل أجندته بفقرات جديدة تتناول الإجراءات والمهارات والمعارف التي يرصدها في تفاعل المعلم مما يرتبط بمرض كوفيد - 19 وكيفية تجنيب الطلاب أخطاره أثناء وجودهم في غرفة الصف الدراسي أو المختبر أو الورشة، وهذه الفقرات الجديدة يجب أن تكون محل إجماع بين المشرفين أنفسهم وتكون أيضًا مشروحة بوضوح لكل المعلمين والهيئة الإدارية بالمدرسة ليحدث انسجام تام فيما يتعلق بالنهج الجديد للمدرسة الكوفيدية في التوعية أثناء التدريس. وسيحتاج الإشراف التربوي أيضًا أن يرسم لذاته خطة للتعلم، وأقصد تعلم الإشراف نفسه حول الإجراءات الجديدة بتقييمها والنظر في فعاليتها وبحث نقاط القوة ونقاط الضعف سواء في التصميم أو التنفيذ فبعض الإجراءات قد تكون براقة نظريًا لكنها عند التطبيق يتبين عدم واقعيتها أو عدم كفاءتها في تحقيق ما هدفت إليه، ولذلك فإنه ينبغي التعديل أو الحذف والتصحيح ليرتفع منحنى التعلم المؤسسي وتتوفر للمسؤولين المعلومات الدقيقة والكافية لاتخاذ القرارات نحو ما ينبغي فعله، وهذه المهمة أفضل من يقوم بها هو الإشراف التربوي وينبغي عليه أن تكون في قائمة اهتماماته ليقدم تغذية راجعة جيدة وشاملة للتجارب الجديدة في المدرسة الكوفيدية.
التدريب التربوي للمعلمين الذي كان من خلال الحضور إلى مركز التدريب وفصوله التدريبية (والذي ربما يكون بعيدًا عن بعض المعلمين مما يجعلهم يعزفون عن حضور الدورات التدريبية) سينتقل إلى مرحلة جديدة لا يضطر فيها المعلم إلى هذا المشوار كما أن الفصل التدريبي يمكن أن يمتد في نسخته عن بعد ليضم 50 أو 80 معلمًا بدلاً من 15 أو 20 وهذه كلها مكاسب جديدة. لكن في المقابل سيحتاج التدريب التربوي أن يهتم بمدربيه سواء كانوا المتفرغين منهم أو غير المتفرغين من المشرفين التربويين أو غيرهم من أعضاء الهيئة التدريسية أو الإدارية بالمدرسة فيؤهلهم بمهارات التدريب عن بعد ولا يترك ذلك للارتجال واجتهاد المدرب الشخصي، هناك مهارات مهمة وإجراءات ضرورية لضمان حسن التعلم والتفاعل في التدريب عن بعد، أبرزها استخدام التقويم التدريسي المتواصل أثناء العملية التدريبية ليضمن المدرب حالة الاندماج المعرفي لجميع المتعلمين، وهذه لها أدواتها وأساليبها في منصات التدريب عن بعد التي ستكون جديدة على كثير من المدربين التقليديين ولذلك تظهر أهمية عقد برامج تأهيلية مسبقة لهم لتحقيق مستوى نوعي متميز من التدريب.
سيكون للإرشاد الطلابي دوره المختلف أيضًا فهنا تواصل عن بعد مع الطالب وتقديم الاستشارات النفسية والتربوية من خلال المنصات إضافة إلى التواصل عن بعد مع أولياء الأمور وهذا التواصل بالجملة لم يكن متاحًا من قبل سوى في مناسبات لقاء أولياء الأمور السنوي، بينما من خلال تقنيات التواصل عن بعد وانتشار هذه الثقافة اليوم فإن الإرشاد سيفعلها ليتمكن من الحديث مع مجموعات من أولياء الأمور في شؤون مشتركة لأبنائهم ليقدم لهم النصح أو ليتشاور معهم في إجراءات مطلوب اتباعها لتعديل أو تقويم السلوك. والأمر نفسه يمكن تصوره عن الجلسات الفردية للطالب المحتاج للاستشارات سواء كان السبب نفسيًا أو مسلكيًا أو تربويًا تعليميًا.
الجميل في الموضوع أن منصات التفاعل عن بعد تتيح التسجيل صوتًا وصورة لكل هذه الاجتماعات التي ذكرها المقال سواء للإشراف أو التدريب أو الإرشاد وهي أداة لها قيمة كبيرة جدًا لأغراض متعددة أبرزها التوثيق إضافة إلى مراجعة كل من أطراف الاجتماع لما ذكر فيه بدلاً من تدوينه آنيًا مما قد يفوت المعلومة، ويمكن أيضًا الرجوع لهذه التسجيلات للتعلم وتحسين طريقة العرض والنقاش.