تأرجح
قالت له: لستُ أنا فقط التي تشتاق إليك؛ الأشياء أيضًا تشعر بفقدك، تنتابها حالة الشعور بالوحدة، تقيم على خارطة سوداء قاتمة، تنزوي كالخفافيش في أقاصي الأمكنة، وأحيانًا كثيرة يعلوها جليد النسيان تمامًا كأرجوحتي هذه، ها هي تخشبت، لم تعد تحفها الضحكات المتكاثرة التي تصنعها لي ولك حتى تُبقي قلبينا على قيد الفرح. عاد إليها بنظرة كانت تسبح شرودًا في عالم آخر لا يعنيها قائلاً: نحن هنا معًا الآن..
نعم، نحن هنا، ها أنت قلت فلنعد ترميم أشيائنا: قلبَينا المنهكَين، طرقاتنا التي فقدت اتجاهاتها، ساعة الحائط بعد اختناقها عند غروب ذلك المساء البعيد.....
تعالي.. تعالي نبدأ من (أرجوحة اللقاء) كما أسميتِها.
ضحكت وهي تستوي بين حبلَي الأرجوحة.
أغمضت عينَيها كعادتها.. هدهدها قليلاً، ثم قذف بها بعيدًا بين غيمات الأحلام، وانصرف إلى شأنه.
سقوط
شعرت بأن صوتي ينكسر.. يتفتت.. يتجزأ إلى آلاف القطع الجارحة المتناثرة أمامي، بل شعرت بأني كلما استرسلت تطايرت شظاياه عمدًا لتؤذي الملتفين حول الطاولات الدائرية، يستمعون إليّ بلا هدف سوى تجزئة الوقت.. قاومت الرغبة في السقوط بين هذا الحطام مرة واثنتين وثلاثًا.. أخذت أهرب بعيني إلى الأعلى دقيقتين حتى شعرت بأني بدأت أنهمر كليًّا، أتساقط قطعة تلو أخرى.. حاولت أن أُبقي على شيء مني، أودع به الحضور. قلت بصوتي التالف: عذرًا؛ فالغناء لا يعني الفرح دائمًا..
في نهاية جملتي وبداية سقوطي مغشيًّا سمعت موجة تصفيق حارة.
** **
- كفى عسيري