د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
لرؤية المملكة 2030 طموحات كبيرة تتطلب تجاوز تحديات كبيرة قائمة ومستقبلية، لكن حجم الاقتصاد السعودي الكبير بإمكاناته حيث يمتلك القدرة على مواجهة هذه التحديات، وتحقيق تلك الطموحات الكبيرة، إذ يعتبر اللاعب الأكبر في تحقيق طموحات هذه الرؤية القطاع الخاص ورفعت مساهمته من 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 65 في المائة في 2030، مما يتطلب تشكيل كيانات كبيرة قادرة على جذب استثمارات كبيرة محليا وأجنبية.
تشكيل الكيانات الاقتصادية الكبيرة أقدر على المنافسة محليا وعالميا بسبب قدرتها على الإنتاج بتكلفة أقل وجودة أفضل وقدرتها في استخدام التكنولوجيا الحديثة (الثورة الصناعية الرابعة) وتبني الابتكار والتطوير، وقدرتها على خلق المزيد من فرص التوسع وتبني الصناعات الصغيرة والمتوسطة كمظلة راعية لها من خلال توفير فرص صناعية من أجل خلق المزيد من فرص التوظيف.
بعدما أعلنت أرامكو السعودية إتمامها صفقة استحواذ على حصة نسبتها 70 في المائة من سابك من صندوق الاستثمارات العامة نظير مبلغ إجمالي 259 مليار ريال الذي يعد الأكبر في سوق المال (تداول) تعزيزا قويا لدخول أرامكو السعودية في قطاع البتروكيمائيات على مستوى العالم التي يتوقع أن تتصدر هذه الشركة طليعة القطاعات الأسرع نموا في العالم.
حيث بلغ حجم إنتاج البتروكيمائيات في عام 2019 في أرامكو السعودية وسابك معا قرابة 90 مليون طن متضمنا المغذيات الزراعية والمنتجات المتخصصة، وهي تتماشى مع استراتيجية قطاع التكرير والمعالجة والتسويق طويلة الأجل في أرامكو السعودية والرامية إلى رفع نسبة التكامل، وخلق المزيد من القيمة في سلسلة الهيدروكربونات تعزز هذه الصفقة استراتيجية التنويع، وفي نفس الوقت تقدم لسابك مساهما استراتيجيا جديدا في قطاع الطاقة له القدرة على دعم مشاريع النمو.
تمثل هذه الصفقة إنجازا تاريخيا كبيرا لتشكيل كيانات كبيرة والهدف الأكبر توفر هذه الصفقة رأس المال الذي يعزز استراتيجية الاستثمار طويلة الأجل لصندوق الاستثمارات العامة من أجل أن تقود التحول الاقتصادي والنمو في السعودية لتحقيق رؤية المملكة 2030 في اقتناص فرص عالمية لنقل التقنية والإمكانيات إلى السعودية عبر الاستحواذ والاستثمار في قطاعات حيوية غير قادر القطاع الخاص على الاستثمار فيها.
وفي نفس الوقت تود حكومة المملكة أن تشكل كيانات مصرفية كبيرة لمشاركتها في تمويل القطاع الخاص إلى جانب أذرعها الحكومية التي قدمت قروض ما يقارب أكثر من 400 مليار ريال، ووفق أكبر 10 بنوك عالمية هناك نحو 4 بنوك صينية و4 بنوك للولايات المتحدة وواحد لبريطانيا والآخر لليابان، وتأتي أقوى 10 بنوك في الشرق الأوسط لعام 2019 البنك الأهلي بقيمة سوقية 51.2 مليار دولار، الراجحي بقيمة سوقية 50.1 مليار دولار، أبو ظبي بقيمة سوقية 47.6 مليار دولار،الرياض، سامبا بقيمة سوقية 20.5 مليار دولا، وهناك بنوك خليجية أخرى.
وكانت القيمة السوقية لأكبر 10 بنوك بمنطقة الشرق الأوسط تبلغ 247.7 مليار دولار في 2019 حققت 20.3 مليار دولار، تستحوذ البنوك الأربعة على 58.5 في المائة من إجمالي القيمة السوقية لأكبر 10 بنوك.
هناك توقيع اتفاق إطاري بين البنك الأهلي مع مجموعة سامبا المالية لصفقة اندماج محتملة ما سينتج عن الصفقة أكبر مصرف سعودي في جميع المؤشرات مشكلا ثلث القطاع البنكي كاملا، وتمتلك الصناديق الحكومية الثلاثة ( صندوق الاستثمارات العامة، المؤسسة العامة للتأمينات، المؤسسة العامة للتقاعد ) في البنكين بنسبة ملكية 54.83 في البنك الأهلي و41.54 في المائة في سامبا.
ما يعني أن السوق يشهد ميلاد بنوك أكثر قوة وإن قل عددها إلى عشرة بنوك ولكن تصبح لها قدرة على المنافسة في ظل فتح السوق للبنوك الأجنبية كما سيقلل التكاليف ويسهم في نمو الحصة السوقية للبنكين في السوق.