د.عبدالعزيز الجار الله
في حياتنا شخصيات علمية تعرفوا على تفاصيل جغرافية أرضنا وبلادنا السعودية، غاصوا في تفاصيل البر والبحر، وأحبوا الأرض وقيادتها هذا الوطن وشعبها، أحبوا ناسها مجردة من نواحيها وأقاليمها دون تمييز، من هؤلاء العالم في مجاله وجغرافية بلادنا الأستاذ عبدالله بن صالح العنيزان -رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته- الذي رحل عنا يوم الخميس الماضي بعد صراع مع المرض نحو سنتين، رحل صامتاً إلا من حب أقربائه وأصدقائه، والله المستعان. رحل أبوفيصل العنيزان بعد أن وثق مع زملائه في هيئة المساحة الجيولوجية أربعة محاور من الظواهر الجغرافية للمملكة:-
- أولاً: سواحل البحر الأحمر المتعرجة بطول 2600 كيلومتر، من جازان جنوباً إلى رأس خليج العقبة شمالاً، وسواحل الخليج العربي 1200كم من الإمارات إلى الكويت.
- ثانياً: قمم جبال المرتفعات الغربية بامتداد نحو 1800 كيلومتر، من جازان إلى تبوك، وارتفاع 3000م جبال السروات والحجاز ومدين، والهضاب الشرقية.
- ثالثاً: تجمعات الرمال تبلغ نحو 635000 كيلومتر مربع، تمثل 33 % من مساحة المملكة التي تبلغ نحو (2) مليوني كيلومتر مربع، تمثل نحو 70 % من مساحة الجزيرة العربية.
- رابعاً: حرات المملكة من أعالي تبوك شمالاً، وحتى أقصى جنوب جازان تبلغ مساحة الحرات، نحو 90000 كيلومتر مربع.
وعمل مع زملائه في هيئة المساحة الجيولوجية، والمساحة العامة، والمساحة العسكرية، ووزارة البترول -سابقاً- على رسم خرائط المملكة عبر المسح الميداني والأجهزة الحديثة في توقيع ورسم الخرائط والصور الجوية والفضائية في تغطية المملكة بكل تفاصيلها، والأهم تحديد نقاط الحدود البرية والبحرية، وفق اتفاقيات الدول والمعاهدات وتوثيقها في الأمم المتحدة، وكان من أهمها الحدود السعودية اليمنية.
هذا الجهد الكبير من عبدالله العنيزان وثقه في مطبوعات ضخمة، بمشاركة فريق عمل ميداني نتج عنه: كتاب أطلس المملكة العربية السعودية، كتاب جزر المملكة في البحر الأحمر والخليج العربي، كتاب الربع الخالي بحر الرمال العظيم، كتاب الحرات الحقول البركانية بالمملكة، موسوعة أسماء الأماكن بالمملكة، كتاب المملكة حقائق وأرقام، أطلس أسماء الأماكن في الشعر العربي، كتاب دليل الرحلات، وكتاب محافظة الرس، مدينة الرس بالقصيم التي شهدت ولادته وعاش بها طفولته. هذا الموسوعي عبدالله العنيزان يحتاج منا بعد رحيله إلى الدعاء وطلب الرحمة والمغفرة له من الله العلي القدير، وحتى تبقى ذكراه خالدة بين الأجيال أن يقدر بعمل تذكاري علمي يشكر على جهوده، والذي أذاب نفسه وصحته في محبة جغرافية بلادنا، أحب فيها ملح البحر وحرار جبالها البركانية وحبات كثبان بحار الرمال، وأحب الناس بلا فواصل، أحبهم بكل تضاريس الوجوه التقليدية وانحنائها العاطفية، ونهايات الأصابع المرتقة بالتعب والهموم المنساحة، فهذا هو العنيزان الذي غادرنا وقد أبقى لنا خرائط وأطالس من ورق بمعيار الذهب، وذاكرة لن تمحوه حتى في غيابه.