عثمان أبوبكر مالي
رغم التطور والانتشار الكبيرين للإعلام الرياضي المحلي التقليدي (المرئي والمقروء والمسموع) والجماهيري (وسائل التواصل الاجتماعي) إلا أن هذا الإعلام على الصعيد (الرسمي) لا يزال مفقودًا، ولا يحضر بالشكل المطلوب، ومن يسجل حضورًا فهو هش وضعيف ويكاد لا يستمر، والمقصود بالإعلام الرسمي إعلام أكثر الأندية الرياضية ومعظم إن لم يكن جميع الاتحادات الرياضية، بما فيها الاتحاد السعودي لكرة القدم.
من السهولة الوصول إلى هذه الحقيقة، إذا ما تتبعت بشكل مباشر (المتحدثين الرسميين) في الأندية والاتحادات المناط بها المهمة الإعلامية وما يتعلق بإيضاح الصورة كاملة للرأي العام عن طريق وسائل الإعلام، ويمكن أن اختصر الفكرة من خلال مقارنة بسيطة وحاضرة عند الجميع في هذه الفترة.
خلال جائحة كورونا (أعاذنا الله منها) شاهدنا نموذجًا (حقيقيًا) لعمل المتحدث الرسمي في الأجهزة والإدارات الحكومية من خلال (الإيجاز اليومي) الذي كان يقدم عن طريق مؤتمر صحفي عام وموسع يوميًا في بدايات الجائحة، يتحدث عن الحالة والوضع العام ويقدم بالأرقام والمعلومات الدقيقة والرسومات الموضحة، كل ما هو مطلوب ويبسط التعليمات والتوجيهات والنصائح ويجيب على الأسئلة بكل دقة ووضوح، وكان فيه (وجه) إضافي لما شاهدناه من قبل وما عرفناه من نماذج المتحدثين الرسميين في قطاعات مختلفة؛ مدنية وعسكرية، وتلك هي الشفافية الحقة والأكيدة والمطلوبة، بل المفروضة على الأجهزة الرسمية وبأوامر عليا صدرت منذ عام 1334هـ نصت على إلزامية وجود (متحدث رسمي) في الوزارات والهيئات العامة والمؤسسات العامة والخدمية بهدف (تأمين نقل المعلومات للمجتمع بكل وضوح عبر وسائل الإعلام التقليدية والجديدة -الجماهيرية) والتجاوب مع الاستفسارات التي تطرح تجاه أي موضوع يشغل الرأي العام لمنع أي مجال لتبادل الشائعة وانتشارها).
الوسط الرياضي هو أكثر ساحة تحتاج الى هذه النظرة والشفافية العالية، نظرًا لكثرة الشائعات والفبركات والتأويلات ومساحة الطرح الكبيرة مما يسهل (كثرة اللغط) ومع ذلك فهو أقل الجهات التي تهتم بالتوضيح الرسمي والمباشر في موضوعاته، في حين تنعدم (المبادأة والمبادرة) عند المعنيين به وبشكل فاضح الأحداث والجدل الذي يدور حول كثير من القضايا والنقاشات أكبر دليل وخير شاهد.
كلام مشفر
* تهتم وزارة الرياضة كثيرًا بالإعلام والتواصل معه وتتصدى فيما يتعلق بها وأجهزتها من خلال متحدث رسمي (متمرس) صاحب مبادرة وحضور باستمرار، لكن هذا الأمر غائب بشكل واضح في أجهزة رياضية أخرى، مثل الاتحادات لرياضية، التي تحتاج إلى أن تستفيد من وزارة الرياضة وتفعل الجوانب الإعلامية فيها بشكل إيجابي مطلوب..
* بقاء الاتحاد السعودي لكرة القدم من غير متحدث رسمي فيه (مخالفة صريحة) من وجهة نظري، فهو جهاز مهم وحيوي وكثير من قضايا الرياضة والأندية تتعلق به وموضوعاته تطرح على مدار الساعة عبر وسائل الإعلام التقليدي والجماهيري، وليس مقبولاً أن لا يكون لديه (متحدث رسمي) وليس منطقيًا أن يضع رئيس الاتحاد نفسه في المنصب لاعتبارات مهنية وشخصية وإعلامية أيضًا.
* الأندية الرياضية بالرغم من أن أغلبها يسمي متحدثًا رسميًا له، إلا أن القليل منهم من يمارس الدور ويقوم بالمهمة بشكل صحيح، وبعضهم لا يعرف من واجباتها إلا المسمى فقط، بدليل ما ترديد كثيرًا منهم مقولة (ليس من الضرورة أو الممكن الرد على كل ما ينشر أو يشاع) وهذا غير صحيح، وقد يقبل من رئيس جهاز جعل المهمة من واجباته، لكنه لا يستقيم مع متحدث يفترض أنها مهمته وحضر من أجلها.
* الصحيح (عمليًا) هو التصدي لكل ما يطرح وينشر، إذا كان غير صحيح أو حتى غير دقيق، لأن تركها والصمت عنها قد يجعلها وكأنها (حقيقة مسلمة) فيذهب ما هو شائعة أو فبركة أو حتى تجنٍ ليكون في المستقبل (القريب أو البعيد) حقيقة وتاريخ يستشهد به من خلال المقاطع المرئية أو الصوتية أو حتى القصاصات الصحفية.
* ما يحدث في بعض القضايا والنقاشات وحتى التواريخ والبطولات والاستشهاد فيها بالقصاصات وما شابهها خير شاهد على هذا الكلام، ولا بد من الانتباه له ومواجهته (رسميًا) سواء من الاتحادات والأندية الرياضية وحتى وزارة الرياضة، ليس لمجرد (تعقيب) وقتي وإنما ابطال ونفى رسمي لفبركة أو شائعة حتى لا تتحول بعد سنوات وتتداول على أنها (حقيقة) حدثت ويجب التسليم بها والأمثلة كثيرة.
* ملاحظة أخيرة أرجو ألا يخلط أحد بين ما قلته عن المتحدث الرسمي و(المركز الإعلامي) فدورهما مختلف (علميًا وعمليًا) عن كثير مما نراه وللحديث عن ذلك بقية.