خالد بن حمد المالك
في يوم واحد فقدت الصحافة اثنين من الزملاء، في الصباح أعلن عن وفاة الزميل حسين الفراج، وفي المساء تم نعي الزميل فهد العبدالكريم، كان هذا يوم الجمعة الماضي، وكانت الوفاة بعد معاناة مع المرض لفترة طويلة لكليهما، الأول - حسين الفراج - وقد عمل محررًا نشطًا في صحيفة الجزيرة لفترة تزيد على عشر سنوات قبل أن يغيِّر مهنته ويتجه للقطاع الخاص كرجل أعمال ناجح، والثاني - فهد العبدالكريم - عمل رئيسًا لتحرير مجلة اليمامة، ثم رئيسًا لتحرير صحيفة الرياض، وفي المجلة والصحيفة ترك بصمته، وأكد نجاحه كصحفي مهني ورئيس تحرير متمكِّن.
* * *
الخسارة في وفاة الزميلين كبيرة، والمعاناة المرضية التي واجهاها بشجاعة خلال فترة طويلة، أثَّرت على القريبين والمتواصلين معهما، فضلاً عن أسرة كل منهما، وكانا بشجاعتهما مؤمنين - كل الإيمان - أن حياتهما تحت رحمة الله، حتى وإن بُذلت كل الأسباب، بما في ذلك الخضوع إلى العلاج في أرقى المستشفيات في العالم، ولدى أمهر الأطباء، حيث عُولجا في الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين على حساب ونفقة الدولة.
* * *
المصادفة أن يموتا في يوم واحد، وأن يمتد المرض لذات الفترة، وأن ينالا من رعاية الدولة ما طمأن أسرتيهما، وخفَّف من مصاب الأسرتين، وأن يكونا خلال فترة المرض في أجواء من السؤال والاطمئنان لدى زملائهما ومحبيهما وكل من عرف عن مرضهما، بما جعل من هذه الصدمة، وهي قضاء وقدر، تتجاوز النهاية الأبدية، إلى الحديث عن التميّز الذي كانا عليه، والنجاحات التي حققاها صحفيًا، والإخلاص الذي خدما به وطنهما ومواطنيهما، بما يجعل من هذه النهاية (على مرارتها) غير قادرة على إخفاء الصفحات المضيئة والمثيرة التي تميز بها عمل كل منهما، وحيثما كان موقعهما.
* * *
كان الزميل فهد العبدالكريم بخلقه وتواضعه ومحبته لغيره نموذجًا للإنسان الذي لم تغيره المناصب في أن لا يكون بهذا التوصيف الجميل لشخصيته، وكان الزميل حسين الفراج، وإن غادر الميدان الصحفي بعد عشر سنوات، فقد ظل مرتبطًا بزملائه وأجواء الصحافة، ولم يغب عن مشهدها، فبقي كما لو أنه لا يزال على رأس العمل فيها، بنفس ما كان عليه من خلق إبّان ما كان عليه حين كان صحفيًا، غير أن ما يمكن أن يُقال أمام وفاة الزميلين أنهما تركا صفحات مشرقة ومضيئة، سواء في مجال العمل، أو في العلاقات الشخصية.
* * *
هناك الكثير يمكن أن يُقال عنهما، التفاصيل تضعهما في قمة احترامنا وتقديرنا، غير أنني أكتفي بهذه التلميحات العابرة عن سيرة عطرة لكليهما، سائلاً الله أن يتغمدهما بواسع رحمته ورضوانه، وأن يكرمهما ويعفو عنهما، ويجعل مأواهما في عليين من الجنة، ولأسرتيهما خالص العزاء، وخالص الدعاء لهما، فالخسارة كبيرة، لكن رحمة الله تذيب الحزن، وتخفّف من روع المأساة، وهذا قدرنا جميعًا، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.