فهد بن جليد
المقهى بجوار منزلي رفع سعر كوب (قهوة لاتية) ريالين تماشياً مع تفعيل ضرائب الـ 15في المائة، ولكون القائمين على المكان شبابًا سعوديين تحدثتُ معهم لماذا لا تتقاسمون مبلغ (الريالين) مع الزبون بتخفيض جزء بسيط من أرباحكم، خصوصاً أنَّ كثيراً من الزبائن يأتون إلى هنا لدعمكم وتشجيعكم في الأصل، قالوا إنَّ نسبة الزيادة ستكون عند الكل، قلت ولماذا لا تتميزون بجعل الزيادة في صالحكم، تخيل أنَّك تتنازل عن جزء بسيط من أرباحك ليشعر الزبون بتحملك جزءًا من الضريبة وتغير السعر معه، تتحمل ريالاً وتضيف ريالاً فقط كنوع من التشارك، صدقني ستكون هذه أفضل حملة ترويجية وتسويقية، وبعد مرور يومين بالفعل عدت ووجدت أنَهم عدَّلوا فارق السعر وأنا مُتأكد أنَّ ذلك سيكون في صالحهم وسيجعلهم يربحون أكثر بالتيسير واللين والرفق وإشعار المجتمع أنَّهم جزء منه.
النسبة العظمى من التجار -للأسف الشديد- لا يعيرون هذه الفلسفة أي اهتمام، الناس تميل بطبيعتها للتاجر السمح المُتبسط، وسبق أن كتبتُ هنا قبل سنوات كيف أنَّ عدم احتساب (الفراطة) ما بين هللة واحدة و25 هللة هو أفضل إعلان ترويجي لأي محل أو سوبر ماركت، خصوصاً أنَّ هذه الظاهرة واضحة لدى الكاشير السعودي الذي أدعو لعدم تحميله تلك الفروقات من صاحب المتجر في نهاية اليوم، وإن كان هذا حقه المؤتمن عليه، ولكن مُراعاة طبيعة وثقافة المجتمع مهمة فالناس عندما يجدون التاجر يتسامح معهم في (الفكَّة) سيعودون ويشترون منه مرات ومرات، وهو ما يضمن أضعاف تلك المبالغ والأرباح، بينما التاجر الذي يحسب الهلل قبل المبلغ الصافي سيكون مثله مثل أي تاجر أو منفذ بيع آخر.
تذاكي بعض التجار هذه الأيام بإطلاق حملة ضريبتك علينا لوقت محدود، تأثيرها سيكون محدودًا ومفعولها سينتهي بعد عودة السعر ولن تصبح هناك ميزة عن الآخرين، الأكثر مصداقية لدى المستهلك هو عندما يشعر أنَّ التاجر يتسامح في جزء بسيط من أرباحه، ليكون السعر دائماً مُشجعًا للزبون، ولو في بضائع محدودة يمكن أن يشعر الناس بفرق السعر فيها، التجار منا وفينا ومثل هذه الأفكار والأطروحات تنم عن مسؤولية وتشارك وتبعد نظيرة الاستغلال، فكلنا أبناء وطن واحد وعلينا التعاضد والتماسك من أجل اقتصادنا ومجتمعنا في هذه الظروف تحديداً.
وعلى دروب الخير نلتقي.