فضل بن سعد البوعينين
لا خلاف على حصول ميليشيا الحوثي الإرهابية على تمويل خارجي من جهات مختلفة وفي مقدمها إيران التي ما زالت تمد الحوثيين بالمال والسلاح برغم ظروفها الاقتصادية الحرجة. كما يعد النظام القطري من الممولين الرئيسيين للحوثي وعملياته الإرهابية الموجهة للداخل اليمني والعمق السعودي. وهناك تمويل مستتر يقوم به بعض اليمنيين في الخارج، ومن بعض الدول الخليجية، الحاضنة لاستثماراتهم القذرة التي يفترض أن تُعاد وفق القانون الدولي للخزينة اليمنية. يعتقد البعض أن ذلك التمويل لا يتأتى من الاستثمارات القذرة فحسب بل ربما تم تعزيزه من جهات أخرى تهدف إلى إطالة أمد الحرب في اليمن والإضرار بالسعودية، وممارسة الضغط للحصول على مكاسب سياسية وتجارية داخل اليمن.
كتبت غير مرة عن التمويل الذاتي للجماعات الإرهابية، وأحسب أن الحوثي قد تمكن من تحقيق سياسة التمويل الداخلي من خلال الأتوات التي يفرضها على التجار، والسيطرة على المناشط الاقتصادية، واستثمار الدعم الدولي الإنساني في أنشطته الإرهابية، إضافة إلى مصادرة جزء مهم من إيرادات النفط التي يفترض أن تذهب للخزينة العامة. السيطرة على تجارة الوقود، ومنابع النفط من أدوات التمويل الرئيسة لغالبية الجماعات الإرهابية، حيث استخدمتها داعش والجماعات الأخرى في سوريا والعراق، وأثبتت جدواها مع وجود شبكات تهريب النفط والأسواق السوداء وتجار الحروب، ومنهم عاملون في منظمات دولية.
ميليشيا الحوثي اعترفت مؤخرا بمصادرتها مبلغ 36 مليار ريال يمني أي ما يعادل 60 مليون دولار تقريبا من إيرادات الوقود وبما يعادل 72% من مجمل الإيرادات، دون إطلاع الجهة المشرفة والمراقبة على الحساب الخاص بإيرادات الوقود واستيراده إلى موانئ الحديدة، والتي يمثلها مبعوث الأمم المتحدة «مارتن غريفيث».
من الطبيعي أن تصادر ميليشيا الحوثي الإيرادات النفطية، طالما تركت لها إدارة الأنشطة الاقتصادية، وميناء الحديدة؛ الذي يعتبر أهم مصادر إيراداتها المالية؛ والتغاضي عن استغلالها له، وتحويله إلى ثكنة عسكرية، ونهب ناقلات النفط وسفن الإغاثة، والمتاجرة بالمساعدات الإنسانية في السوق السوداء.
وكما أن عائدات الوقود مصدرا من مصادر تمويل ميليشيا الحوثي، أصبحت ناقلة النفط اليمنية «صافر»، من أدوات مواجهتها القذرة مع المجتمع الدولي، والأمم المتحدة. تحولت الناقلة إلى «قنبلة موقوتة عائمة» تتحكم بها وتستغلها كأداة ضغط وحماية، وهي لا تتوانى عن التهديد بتفجيرها كلما ضُيق عليها الخناق. تآكل هيكلها الحديدي، وتحلله ينبئ بحدوث كارثة بيئية، ما يستوجب تدخل الأمم المتحدة لحماية البيئة البحرية من مخاطر تسرب ما يقرب من 1.5 مليون برميل من النفط الخام. تراخي الأمم المتحدة والمجتمع الدلي في تعاملها مع ميليشيا الحوثي الإرهابية، وتشددها مع الشرعية وقوات التحالف تسبب في إطالة أمد الحرب في اليمن، وتمكين الحوثي، وكأنما أُريد بذلك الإبقاء على الوضع الراهن دون تغيير!. تُراهن إيران وميليشياتها في الدول العربية، ومنها ميليشيا الحوثي في اليمن على إطالة أمد النزاع بهدف تمكين ميليشياتها وإعطائها الوقت الكافي لإحداث تغيير شامل في التركيبة السكانية والأديولوجية، ومؤسسات الدولة، وكسب الولاءات، وغرس العملاء وبما يساعد على السيطرة الكلية والمستدامة حتى مع وجود التسوية النهائية.
قطع التمويل عن ميليشيا الحوثي هو السبيل الأمثل لتآكله من الداخل، وهو أمر لا يمكن تحقيقه مع استدامة التمويل الخارجي والداخلي، الذي يحدث بعلم المجتمع الدولي، الذي يقف صامتا أمام كل تلك التجاوزات المالية والإنسانية والبيئية الخطرة، لذا فسرعة الحسم العسكري، هو الخيار الوحيد أمام التحالف، إضافة إلى الدور المهم الذي يجب أن تقوم به الشرعية من الداخل اليمني الذي يفترض أن يكون ساحتها الرئيسة لتحرير جميع الأراضي اليمنية من الميليشيات الحوثية الإيرانية.