زكية إبراهيم الحجي
يتطلعون إلى الثمرة قبل زرع الشجرة وإلى جني الحصاد قبل دفن البذور.. هكذا كانت نظرتهم إلى جغرافية الأرض، أما الإنسان فلا يعدو في نظرهم سوى ضرب من الصراخ في أودية الصم حالما يتمكن كلٌّ منهم من كتابة اسمه بدماء الأبرياء في كل موطئ قدم له والتاريخ لا ينسى.
في قاموس تاريخ الطغاة المسيرات تتشابه، وكل منهم يحمل الكثير من صفات نادي الاستبداد.. أما نوستالجيا تدمير الأرض وقتل البشر فهي قاسم مشترك بينهم عبر توالي الأزمان وتعاقب الأجيال ابتداءً من كاليغولا الطاغية الروماني الذي كان نموذجاً للشر والقسوة وجنون العظمة.. طاغية مضطرب عقلياً لا يتوانى عن فرض سلطانه وجبروته على شعبه.. كان يستمتع بإغلاق مخازن الغلال ويتلذذ برؤية شعب روما يتضور جوعاً.. له عبارة كان يرددها كي يبرر ويُشرع القتل لنفسه وهي: غريب أنني إذا لم أقتل أشعر بأنني وحيد فأنا لا أرتاح إلا بين الموتى.
تتوالى مسيرة ركب الشيطان وحوش البشرية، فنيرون الذي لطخ صفحات التاريخ بجرائمه الوحشية البشعة، بطشه لم يقتصر على شعبه فقط بل امتدت يداه إلى أقرب الناس إليه أمه وزوجته.. أما الحدث الأكبر في تاريخ جرائمه البشعة وكانت وصمة عار في تاريخه فهي إحراق شعبه بالنيران التي أشعلها في روما.
ستظل ذاكرة التاريخ تحتفظ بسجل أسود لسلسلة من سلاطين أذاقوا شعوبهم ذلاً وهواناً أمثال موسوليني.. ستالين.. وهتلر النازي الذي حكم أواخر القرن الماضي ليعود إلى عصرنا الحالي بصورة الطاغية «أردوغان» وليس غريباً أن تُطلق عليه الصحافة الغربية مسمى هتلر العصر؛ نظراً للتشابه والمقاربة بين الشخصيتين، لاسيما أن أردوغان أشار مراراً إلى إعجابه بهتلر.
إن ما يجمع بين هتلر النازي وهتلر العصر الرؤية العنصرية المتمثلة في الإيمان بتفوق الجنس الذي ينتمي إليه كل منهما حتى الأحلام تجمعهما، فهتلر كان يحلم في صغره أن يكون رساماً مشهوراً يتصدر اسمه في عناوين الأخبار، أما أردوغان فكان حلمه أن يكون لاعب كرة لامعاً وشهيراً تتحدث الصحف عن أهدافه التي تهز شباك الملاعب.. الشهرة هي الحلم، فتجسدت في الطغيان والقتل والتدمير وتجاوز الحدود الجغرافية لبلديهما بمعنى الاحتلال والاستعمار.. أردوغان ارتدى قميص هتلر وسار على خطاه يتبنى خطاباً إعلامياً تعبوياً يروّج من خلاله الأكاذيب.. ويوماً بعد يوم تتكشف أهداف أردوغان السياسية وخططه التوسعية تجاه الدول العربية من سوريا.. العراق.. ليبيا التي يسعى إلى تحويلها إلى مركز عمليات للتمدد والتوسع.
اليوم تتعالى الأصوات الدولية منادية بكبح جماح تدخل هتلر العصر أردوغان في الدول العربية.. ليبيا، العراق، وسوريا.. والمدهش حقاً أن ليلة السبت الفائت كانت ليلة حالكة السواد على أردوغان حيث شنّت طائرات مجهولة المصدر منظومات للدفاع الجوي التركي في قاعدة «الوطية» الليبية، ودمرت رادارات تابعة لمنظومة الدفاع التركية تدميراً كاملاً.. يبدو أن بداية النهاية لهتلر العصر أردوغان تلوح في الأفق.