ميسون أبو بكر
مقولة الشاعر اللبناني جبران خليل جبران الذي شغل الشرق والغرب «أولادكم أولاد الحياة» استوقفتني كثيرًا، فعباراته فيها من الفلسفة والحكمة ما يستطيع المرء استيعابه حين تأملها والتعمق بها ثم التزود من خبرة الحياة، كان من الصعب عليَّ استيعاب هذه المقولة قبل عشرة أعوام أو بالأحرى الاستسلام لها، فثقافة التربية لدينا في الوطن العربي ثقافة مختلفة والتعامل مع الأبناء في الغالب هو تعامل عاطفي سلطوي قلما تحضر فيه ثقافة الحوار والنقاش ومشاركة القرار.
تربية الأبناء شراكة بين اثنين تصبح فيما بعد مؤسسة أسرية يشترك فيها الجميع بما هم الأبناء أنفسهم، الذين تنضج أفكارهم وتستقيم تربيتهم حين يكون لهم دور منذ وقت مبكر ثم يصبحون في سن المراهقة والرشد أصحاب القرار الأخير الجاهز للتنفيذ، ولعل التربية والسلوك القويم منذ الصغر هو أساس النشأة السليمة والمتزنة والخلق الحسن الذي يتصف به الأبناء، لذلك يخرجون إلى الحياة محصنين بما نشؤوا عليه من قيم، فيصبح الخيار لهم أي السبل يمضون بها وأي الصفات يحملونها بخاصة أنهم حظيوا برقابة وعناية من والديهم بعيدًا عن أحضان الخادمات التي أحدثت خللاً في نشأتهم وسلوكهم. يخسر الآباء أبناءهم حين تمتد وصايتهم ولا تتوقف، وهذه وسيلة تقليدية في التربية لم تأت أكلها، بل تسلب الطفل ثم الشاب الإرادة وحسن التصرف والاعتماد على النفس. الطفل يصبح قادرًا على اختيار لعبته المناسبة ويأنس أطفال يشبهون عالمه ومحيطه، والمراهق يختار ما يشاهد ومن يصاحب وأين يذهب، والطالب الثانوي يختار التخصص الملائم لهوايته وتوجهه وقدراته تحت مظلة الأهل التي لا تهترئ، ويتخرجون من مدرسة الأسرة إلى الحياة الأكثر رحابة واتساعًا، معهم أدواتهم وقيم ومبادئ نشأوا عليها في أحضان أسرة دافئة لم ينشغل أحد أركانها يومًا عنهم رغم مهامه ووظيفته.
شبابنا الذين أنهوا الثانوية العامة بصدد الالتحاق بالجامعة المعترك الحقيقي للحياة والعلاقات الأوسع، وهنا تأتي المرحلة المهمة لاختيار الدرب المناسب لتحقيق موقعهم في المجتمع ووظيفتهم الملائمة لقدراتهم، ونحن اليوم في ظل الرؤية وجدنا العديد منهم ليسوا في وظائف هرمية وحسب بل انخرطوا جاهدين ليكونوا شركاء في رؤية بلادهم ونهضتها في عالم صعب والمغامرة فيه قائمة والأعداء يتربصون من كل صوب وجهة، همة الشباب كأميرهم عراب الرؤية الذي شبههم بجبال طويق سمو الأمير محمد بن سلمان الذي شغل العالم وأشغل أعداءه بإنجازاته، فلا غرابة أن يكون صورة البطل في نظرهم وهم الذين نشؤوا على سيرة أبطال من التاريخ الإسلامي قادوا العالم كان أقربهم إليهم الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه. همسة إلى الآباء: أحسنوا تربية فلذات أكبادكم ثم اطلقوهم للحياة ولاختيار مشاريعهم وتخطيط مستقبلهم، فهم أبناء الحياة التي لا تضرهم إن ساروا على نهج قويم وصراط مستقيم وعلى ما ربيتموهم عليه وأحطوهم به.