إيمان الدبيَّان
النبرات المسموعة من أوتار الحناجر الإنسانية، أو بعض الكائنات الحيوانية، أو من اهتزاز تموجات أجسام تحدث في محيطات مكانية، هي أصوات طالما أن لها آثارًا سمعية مُحْدِثَة أنغامًا لَحْنيّة.
اللَّحْنُ كما قرأت عنه في بعض المعاجم اللغوية هو: (اللّغة ولَحْنُ القول: فحواهما يفهمه السامع بالتأمل فيه من وراء لفظه.
واللحن: (اسم) صوت المغني المطرب المغرد؛ صوت الموسيقى الموضوع للأغنية، ولَحَنَ الرجلُ: تكلَّم بلغته وهو غير لحَن الشَّخْصُ في كلامه: أخطأ في الإعراب وخالف).
الصَّوتُ واللَّحْنُ هما تلك الكلمة التي يعتقد أنها من أصول يونانية، وأعني بها الموسيقى بمختلف أنواعها العضوية كصوت الإنسان، وتَصْفِيْقِه، والآلية كالناي، والعود، والقيثارة، والكمان وغيرها، فالموسيقى فن يبحث عن طبيعة الأنغام من حيث الاتفاق والتنافر، تلك الموسيقى الطبيعية، أو الآلية ترتاح لها النفس البشرية حيناً فتتأمل وتفكر، وتحتاجها حينًا آخر لتفرح وتُعلن وتُعبِّر.
الموسيقى لغة عالمية تفهم بلا ترجمان، ودون تفسير من إنسان، عرفها الإنسان العربي عندما كان يرعى الإبل، ويركب الخيل فكان الشعر الغنائي مرتبطًا بالحداء، والتدوية، ذلك الشعر المقترن ببحر الرَّجز من (رجز البعير) فما أجمله من غناء! وما أروعه من لحن! سلب فكري ومخيلتي لأَرْضِي نَجد ولعقيلات القصيم، والغضا، أشم رِثامها، وأتخيل خزامها، واستطعم سائغ حليبها، وأطرب لسامري صفوفها، مرددة أوبريتًا وطنيًا:
يانجد يا أرضي وسماي الحب مالي فيه راي...... ومسترجعة ومتذكرة روائع الأغاني العربية التي كتبها، أو لحنها، أو غناها، أو جمعها كلها سعوديون متميزون، حتى يقطع صفو كل ذلك سؤالٌ ينسكب مع حبر قلمي على ورقي قبل ذهني وهو: أين معاهدنا الموسيقية من هذه الكواكب الوطنية؟ فليتها تدرس فنيًا، وعلميًا فتكون فِرقنا وفُنوننا أكثر احترافية، وعالمية ننهل من تراث مناطقنا أنواعًا، وصنوفًا شعرية، ومقامات موسيقية، وغنائية لا أظنها تجتمع بهذا الكم والكيف في بلد غير السعودية.
الموسيقى، والغناء بكلماته الراقية للنفس غذاء، وللفكر دواء نحتاجها، ونوجه بها بعض مواهب ربما أُهملت طاقاتها زمنًا، وحان وقت صقلها علمًا، وتضمينها أنشطة التعليم للراغبين في الفن تزودًا.