«الجزيرة الثقافية» - محمد المرزوقي:
وكأنها تخبر العالم من خلال قامتها المنتشرة حول العالم، عن القيمة الإعلامية التي مثلتها رحلة التلفزيون ضمن مراحل تطور الإعلام في حياة الشعوب، تبعاً لما أحدثته ثورة الصورة (الحية)، من نقلة كبرى بين مختلف ثقافات العالم، مقارنة بالصحافة والإذاعة، خلال عقود ظل فيها التلفزيون مهيمناً على الفضاء الإعلامي، شامخاً بأبراجه العالية التي لا ينافسها أبراج وسيلة أخرى، حتى بدأت أول متغيرات حكاية التلفزة العالمية التي بدأت مرحلة جديدة في البيئة الشبكية (الإنترنت)، التي شكلت بدورها «أم الثورات» على مستوى الوسائل بوصفها وسيطاً ووسيلة أيضاً، وبما تبعه من تحولات أمام الوسائل الإعلامية (المؤسسية)، على مستوى القائم بالاتصال والوسيلة والرسالة الإعلامية.
لذلك لا تزال «أبراج التلفزة» حول العالم، تحكي لشعوبها قصصاً سامقة في السماء، وكأنها أبراج تذكارية على تفردها على مستوى المكان، وعلى مستوى المكانة الإعلامية لعقود من زمن مسيرة الصحافة والإعلام حول العالم، إذ يعد برج التلفزيون (النموذج العظيم)، في الصين، أو كما يسمى بالبرج الفولاذي، أطول أبراج التلفزة في العالم، وأكثرها خطورة في تصمميه ما جعله البعض يصفه ببرج «الكارثة»، من الذين تنبؤوا بانهياره، تبعاً لنسبة المخاطرة الهندسية التي صمم بها نتصف البرج، مقارنة بارتفاعه الذي يبلغ (610م).
أما في المملكة العربية السعودية، فلا يزال برج التلفزيون في وسط العاصمة الرياض، يشكل معلماً جمالياً، وصورة حضارية تعكس مسيرة قصة التلفزيون السعودي خاصة، وسيرة الإعلام في المملكة، حيث تم الشروع في بناء «برج» التلفزيون السعودي عام 1975م، حيث تم الانتهاء من بنائه عام 1982م، بارتفاع يبلغ (170م)، تتوج جمالياته المعمارية والهندسية قبته الزجاجية المكونة من ثلاثة طوابق: طابق مخصص لاستقبال وزارة الإعلام، إلى جانب مطعم، وآخر للخدمات المساندة الخاصة بالبرج، فيما خصص طابق من القبة الزجاجية ليكون بمثابة صالات عرض لأبرز مبادرات وزارة الإعلام، والأعمال الفنية البصرية من تشكيلية، وأخرى ضوئية، ومنحوتات فنية.
وعبر مسيرة هذا الرمز الحضاري، الذي يمثل رمزاً لإعلامنا السعودي المرئي والمسموع، طيلة عقود من العطاء الثقافي والفكري والإبداعي والاجتماعي.. في مختلف مجالات الحياة، وعلى مختلف المستويات الإعلامية التي يجسد محتواها فلسفة وأهداف إعلامنا السعودي، ما يجعل من برج التلفزيون السعودي شاهداً حضارياً على مسيرة الإعلام السعودي، الأمر الذي يلفت النظر إلى هذا البرج عبر رؤية المملكة 2030م، وذلك من خلال مكانه في قلب العاصمة الرياض.. ومكانته الإعلامية، ليكون أحد الأبراج الرائدة إعلامياً وثقافياً وسياحياً، وحضارياً، ضمن منظومة المراكز والمواقع الحضارية في عاصمة بلادنا، ضمن الحزم البرامجية الثقافية والسياحية و»مواسم» الرياض.