أكد أربعة من الرؤساء التنفيذيين للهيئات الثقافية أن جائحة كورونا لم تؤثر على سير عمل الهيئات الثقافية، بل زادت من وتيرة النشاط لوضع الخطط والاستراتيجيات وتنفيذ المبادرات. وقالوا في الندوة الافتراضية التي نظمتها وزارة الثقافة مساء أمس (الأربعاء 8 يوليو)، إن الهيئات تسعى لتنفيذ خطط تطوير القطاع الثقافي السعودي بمنهجية صحيحة.
الندوة التي تناولت تقرير الحالة الثقافية في المملكة لعام 2019، شارك فيها الرئيس التنفيذي لهيئة المسرح والفنون الأدائية الأستاذ سلطان البازعي، والرئيس التنفيذي لهيئة فنون العمارة والتصميم د.سمية السليمان، والرئيس التنفيذي لهيئة التراث د.جاسر الحربش، والرئيس التنفيذي لهيئة الأفلام م.عبدالله آل عياف القحطاني، وأدارها الإعلامي خالد العقيلي، وناقشوا فيها التحديات التي تواجه القطاعات الثقافية على ضوء الأرقام والإحصاءات التي قدمها تقرير الحالة الثقافية.
«هوية البلد»
وذكرت د.سمية السليمان أن التركيز على الكلمات الثلاث التي تتكون منها الهيئة التي ترأسها، وهي: «فنون» و»عمارة» و»تصميم»؛ من شأنها وضع الإطار الإبداعي الذي يجمع كل التخصصات التي تساهم بشكل رئيسي في تحقيق رؤية المملكة، لما لها من علاقة مهمة في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، مشيرة إلى أن العمارة منتج ثقافي صنعه الإنسان لتلبية احتياجاته، وهو ما يشكل الهوية الثقافية للمدن والبلدان.
وقالت: إن التقرير الذي ذكر أن عدد المهندسين المعماريين بالمملكة لا يتجاوز 2700 مهندس، لا يعكس العدد الحقيقي لخريجي الهندسة المعمارية، نظراً لتسرب عدد كبير منهم للعمل في مجالات مختلفة عن تخصصهم. وانتقدت غياب المصادر والدراسات والأبحاث المتعلقة بتاريخ العمارة السعودية عن مرحلة التأهيل والتعليم الجامعي.
«قيمة المنتج»
فيما أوضح البازعي أن انطلاقة عمل هيئة المسرح والفنون الأدائية تأتي من خلال تجربة عريقة لمسرحيي المملكة الذين قدموا عروضاً كبيرة في الفترات الماضية، رغم افتقادهم البيئة الاحترافية. وأشار إلى ما ذكره التقرير بأن للمسرح تاريخاً عريقاً بدأ منذ ثلاثينيات القرن الماضي، إلا أن تجربة الثلاثين عاماً الأخيرة افتقدت للعلاقة الوثيقة مع الجمهور. وقال: «نعمل على إعادة توثيق العلاقة بين المسرحيين والجمهور، من خلال تهيئة المناخ المناسب والبيئة التنظيمية وزيادة القدرات البشرية المتمكنة، خصوصاً أن هذا القطاع يعتبر من القطاعات الموظفة للكثير من المهن والتخصصات».
وأضاف البازعي: «تم وضع خطط تبدأ من التعليم كبناء أساسي، إضافة إلى التدريب الاحترافي، والابتعاث، ليعقبه الانتقال من التجربة السابقة التي اعتمدت على الاجتهادات الفردية، سواء أشخاصا أو مؤسسات كجمعيات الثقافة والفنون، أو بعض الفرق الخاصة التي كانت تصارع من أجل تقديم عرض واحد، إلى تجربة جديدة واعدة».
وأشار إلى أن العمل في كل هيئات وزارة الثقافة، بما فيها هيئة المسرح والفنون الأدائية تعتمد على استراتيجيات واضحة الأهداف والمعايير من خلال «سلسلة القيمة» التي تبدأ من التأليف وتنتهي بالتلقي، عبر عدة نقاط تهتم بتنمية القدرات وتهيئة الأماكن وتحسين تجربة الجمهور الذي سيستهلك هذا المنتج الثقافي.
وكشف البازعي أن هناك أعمالاً مسرحية تكتب -حالياً- عن شخصيات سعودية مؤثرة في تاريخ الدولة، إضافة إلى إعداد مسرحيات أوبرالية وعروض غنائية عالية المستوى، لتكون جاهزة للسفر خارج المملكة».
«عمق التنظيم»
من جهته، ألقى د.جاسر الحربش الضوء على المنهجية الحكومية التي تأسست عليها وزارة الثقافة، والتي قد تكون نموذج لتأسيس منظمات ومؤسسات حكومية جديدة. وقال رئيس هيئة التراث: «إن تقرير الحالة الثقافية لعام 2019 قدم مؤشرات وإيجازا مفيدا سهل القراءة لجميع شرائح المجتمع، كما أوضح الخط الزمني لقطاع التراث الذي تأسس عام 1964م من خلال دائرة الآثار، وهو ما يوضح العمق التنظيمي الإداري لهذا القطاع، والذي نما إلى أن وصل لهذا المستوى بوجود هيئة مستقلة تشرف على التراث بمنهجية واضحة». وأضاف: «المملكة لديها كنز كبير لمواقع غير مسجلة، ستساهم في المستقبل بزيادة عدد السياح والزوار، وتحتاج فقط إلى توفير معلومات ثرية عنها».
«قصص محلية»
واستعرض رئيس هيئة الأفلام م.عبدالله آل عياف القحطاني، أبرز النقاط التي تواجه قطاع الأفلام بحسب التقرير، وتتعلق بالبنية التحتية لتنفيذ أفلام سعودية بمعايير عالمية، والاهتمام بالمبدعين، وتوفير الدعم المالي من خلال صناديق لتمويل المشاريع السينمائية والدعم غير المالي المتعلق بتسهيل وتنسيق عمل صانعي الأفلام مع القطاعات كافة والمؤسسات في الدولة. وأشار إلى ما رصده التقرير من أرقام مميزة للمشاركات السعودية، وأرقام أخرى تحت التوقعات، مشيداً بالإنجازات التي قدمها أبناء وبنات الوطن، وحصدوا من خلالها جوائز دولية في فترة لم يكن لديهم دعم أو بيئة مشجعة.
وقال: «سنحرص في الفترة المقبلة على تقديم قصصنا المحلية وتصديرها للخارج، مع التركيز على جذب صناع الأفلام العالميين لتصوير أعمالهم في المملكة، وهو ما سيتيح للشباب السعودي فرصة الاحتكاك بهم والاستفادة من خبراتهم»، موضحاً أن جائحة كورونا ساهمت في رفع حجم المشاهدة السينمائية المنزلية، وهو ما يثبت أهمية الأفلام في جانب المتعة والتسلية، وهذا يشجع على تقديم أفلام ذات جودة عالية في المستقبل لتكون خياراً ممتعاً للأسرة وتعكس ثقافتنا المحلية في الوقت نفسه.