الرياض - «الجزيرة»:
أكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى أن السعادة أصبحت معيارًا مهمًا من معايير التميز الحضاري للأمم والدول والمجتمعات، وحتى في النطاق الخاص للمنظومات سواء في المؤسسات العامة أو الخاصة وحتى المنظومة الأسرية.
جاء ذلك في كلمة معاليه خلال حفل افتتاح منتدى السعادة الدولي والذي ينطلق تحت شعار «السعادة حق» بتنظيم المنظمة العالمية لسفراء السعادة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، افتراضيًا على مدى يومين.
وقال الدكتور العيسى في كلمته بأن السعادة في هذه الحياة تختلف باختلاف المعتقدات والأعراف بل وحتى الاهتمامات لكنها في مجملها لا تعدوا أمرين الأول سعادة روحية نجدها في الإيمان والعمل بمقتضاه والثاني السعادة المادة ونجدها في كل أسباب تحقيق جودة الحياة، والرؤية المستنيرة والعزيمة القوية تقود -بإذن الله تعالى- إلى ذلك، مشيرًا السعادة في المنظور الإسلامي تهتم بتوفير جودة الحياة للناس حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربه أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعًا.
ونوَّه الدكتور محمد العيسى إلى أن الإسلام أكثر احتفاء بالسعادة الإيمانية حيث سريرة النفس وطمأنينة القلب وانشراح الصدر وراحة الضمير واستقامة السلوك في الظاهر والباطن بفعل رسوخ الإيمان واليقين، موضحًا بأن منظومة التشريعات الإسلامية أتت بتعليمات إنسانية ترشد في سعادة الروح والمادة، حيث قال تعالى: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»، وقال: «فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى»، وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس الغِنى عن كثرة العرَض، ولكن الغِنى غِنى النفس».
وقال د. العيسى: تتميز السعادة الروحية بأنها تصل المؤمن بالسعادة الدائمة والمطلب الأسمى وهي السعادة الأخروية، قال تعالى: «وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا»، مؤكدًا بأنه لابد لهذا المطلب العزيز من صلاح المرء على الهدي المطهر، ولابد أن نقف دومًا عند موضوع مهم في له أثر في تحقيق السعادة وهو نفع الناس، والموازنة بين مطالب الجسد والروح وبين الراحة الشخصية وراحة الآخرين وبين النفع الخاص والنفع العام وبين إعمار الدنيا وإعمار الأخرة، منوها إلى أن الأسباب المادية لها أثر في تحقيق السعادة في هذه الحياة لكن المسلم يؤأطرها بإطار الشرع الحديث.
وتطرق معاليه إلى أن السعادة منظومة متكاملة، فالإنسان جسد وعقل وقلب والواجب أن يوازن بين هذه الأمور باعتدال تام، فهناك سعادة عامة تتعلق بشأن عالمنا وتتلخص بحفظ سلامه ووئام مجتمعاته ومعالجة مكدراته من فقر ومرض وغيرها وهي مسؤولية مشتركة تبدأ بالمؤسسات الصغيرة والكبيرة والمؤسسات الدولية العامة.
يشار إلى أن منتدى السعادة الدولي يسعى لنشر مفهوم السعادة لتعزيز الإسهامات التنموية للفرد والمجتمع، وإظهار أهمية تطبيق معايير السعادة العالمية لتحقيق السعادة وجودة الحياة، والإشارة لاعتماد وظيفة مستشار السعادة في كل الجهات وعرض التجارب ونقل الخبرات والخبرات لأهم الممارسات، للمساهمة في رفع نسب الدول العربية في مؤشر السعادة العالمي، ويشهد مناقشة أربع محاور رئيسة وهي الإسهامات التنموية للفرد والمجتمع والسعادة المهنية، إلى جانب برنامج سفير السعادة الدولي، ومعايير السعادة العالمية، وذلك ضمن مساعيه للمساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي بما يحقق التنمية المستدامة والسعادة والرخاء للجميع.