حاوره - رئيس التحرير - فهد العيسى:
ضيفنا لهذا العدد الواحد والثمانين من السنة السادسة عشرة من مجلة (رجال الأعمال) الصادرة عام 2019 هو أبرز رجال الأعمال في قطاع المعارض والمؤتمرات في المملكة، رجل الأعمال السعودي حسين سعد الفراج الرئيس التنفيذي لشركة رامتان لتنظيم المعارض والمؤتمرات ومنظم معرض ريستاتكس العقاري الذي يعد الملتقى العقاري الأهم في المملكة، صاحب أول ترخيص سعودي، وعلم من أعلامها المعروفين، اسم يشار إليه بالبنان في مجال المؤتمرات والمعارض، رجل أعمال شاب برع في التميز محلياً وبناء تحالفات استراتيجية مع عدد من الشركات المؤثرة عالمياً، وهو إضافة إلى ذلك صحفي متمرس دخل لبلاط صاحبة الجلالة في مقتبل عمره، ونجح عبر فطنته وإصراره على النجاح والصعود عالياً، بعد لقاء وإفطار في الميدان السادسة صباحاً مع أمير الرياض وقتها الأمير سلمان بن عبدالعزيز. يعد ضيف عددنا الكريم حسين سعد الفراج أن الخبرة في مجال العمل وكلمة الشرف هي خير زاد لرجل الأعمال الناجح، ونبراسه الذي يضيء له الطريق نحو بلوغ الأهداف وتحقيق التطلعات. حواري معه كان من أروع اللقاءات التي قمت بها، تعرض لظروف يعد الفاشلون بعضها ذريعة للانسحاب، لكنه بإصراره قهرها بالرغم من يتمه في مقتبل حياته وبساطة عيشه آنذاك، ليصنع بعصاميته أقوى تجارب النجاح... فإلى الحوار:
* بداية، نود أن نتعرف عليكم عن قرب، البطاقة الشخصية، والبدايات؟
- ولدت في المزاحمية ونشأت في ظروف كأي شاب في تلك فترة الثمانينات، وقد تعرضت لصعوبات تمثلت في صدمة وفاة والدي في فترة مبكرة من حياتي، وقد كانت ظروف اليتم وفقد الأب حافزاً كبيراً لي للتفوق الدراسي، حيث كنت متفوقاً وبحمد الله في جميع سنوات دراستي، إلا أنني وخلال دراستي في المرحلة المتوسطة بدأت بالاهتمام وبشكل كبير بالقراءة والاطلاع على الأدب المحلي والعالمي، وكنت أحرص على متابعة الأحداث والأخبار التي تحيط بالمنطقة في تلك المرحلة، كما كنت على اطلاع واسع وشغوف بالعمل الإعلامي، وقد وفرت لي ثقافتي وقراءاتي بالرغم من سني المبكرة مخزونًا جيدًا، ساعد بشكل كبير في صقل شخصيتي لاحقاً.
وأثناء دراستي في المرحلة الثانوية حدثت نقلة نوعية في حياتي، غيرت مسار حياتي وحياة أسرتي كلها، تمثل هذا التغيير في عملي في جريدة الجزيرة، عندما كان موقعها القديم في شارع الناصرية، وأذكر أنني ذهبت كشاب صغير نحيف متحمس واثق من نفسه إلى صحيفة الجزيرة، والتقيت بأستاذي وصديقي الكبير خالد المالك رئيس تحرير جريدة الجزيرة، وكنت وقتها شاباً صغيرًا نحيفًا متحمسًا وقدمت له كراسة من المقالات، التي رأيت أنها ستغير العالم وقتها، وقد قام وبمنتهى اللطف والتقدير باستقبال حماسي بصدر رحب، وطلب مني أن اتصل به بعد يومين، وبعد انتهاء المدة، لم اتصل به، بل حضرت بنفسي ودخلت عليه في مكتبه بدون استئذان، ووجدت أبو بشار كعادته يبتسم، وقال لي يبدو بأنك ستكون شيئاً ما، وطلب مني الجلوس، وقال لي بأدبه الجم بعض الكلمات التي نبهتني إلى أن الحماس أحياناً يجب أن يبرمج ليكون قابلاً للتنفيذ على أرض الواقع، ليقوم بعدها بالاتصال بمدير الشؤون المحلية في جريدة الجزيرة الزميل اللامع في وقتها حاسن البنيان، طالباً منه الحضور إلى مكتبه، وخاطبة حرفياً قائلاً له: «هذا الشاب سيأتي منه نتيجة وعليك أن تهتم به»، والذي اصطحبني إلى مكتبه وكان مكتباً كبيراً جداً يحوي ما يقارب 15 محررًا ومندوباً ومتعاوناً، وكانت وقتها جريدة الجزيرة قائدة الصحافة الورقية في المملكة، وبعد التحاقي بالعمل، تخليت عن إكمال دراستي، وأذكر أن الأخ حاسن قال لي وقتها (أنا هنا مثلك لم أكمل دراستي مثل أغلب قادة الصحافة الذين لم يكملوا دراستهم ولكنه أكملوها بالجد والاجتهاد وعشق هذه المهنة) وبالتأكيد كان ذلك اليوم نقطة تحول كبير في حياتي، وفي اليوم الثاني باشرت العمل في جريدة الجزيرة بحماس كبير، وكأنني أصبحت موظفاً مهماً، وطلب مني إعداد تقارير لبعض الأحداث، وقد كان هناك مؤشرات في بداية عملي تدل على أنني سأكون قادراً على التأقلم مع الجو الإعلامي ومهنة الصحافة.
- يتداول الإعلاميون بإعجاب قصة مقابلتك الصحفية مع الملك سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وقتها، حدثنا عنها تلك الأيام كانت مدينة الرياض تمر بمرحلة نهضوية تنموية كبيرة وسريعة جداً، وكان مصدر الأخبار ثري جداً بالمحتوى الإعلامي، وكانت الأخبار المحلية كثيرة، وقد ساعدني عملي في المجال الإعلامي على تكوين علاقات وصداقات مع جميع الزملاء من جميع القطاعات، وقد علمت من مصادري وعلاقاتي بأن سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان (سمو أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز وقتها) سوف يتفقد قيادة الدوريات والنجدة في حي الغرابي في مدينة الرياض الساعة السادسة صباحاً، حيث قمت باصطحاب مصور الجريدة معي، وألبسته ثوبًا وشماغًا، وكان من جنسية غير عربية، وذلك من باب التمرير، وتوجهت للموقع فوراً، أوقفني الأمن وقالوا لي من أنت، قلت لهم أحد أخويا الأمير! وتجاوزت الأمن لأرى سيدي الملك سلمان يتناول إفطارًا خفيفًا مع قيادات الدوريات، فلما رأوني قالوا لي من أنت، فقلت لهم أنا من جريدة الجزيرة، وكادوا أن يطردوني، لكن لطف سيدي الملك سلمان تدخل وقال لهم خلوه هذا ولدنا من جريدة الجزيرة، وأكيد ما جاء إلا عنده شيء، وأجلسني سموه بجانبه وطلب مني تناول الإفطار، وقال لي من أنت، وعرفته بنفسي فعرف أسرتي، والمعروف عنه حفظه الله معرفته الواسعة بأنساب الأسر السعودية، فأجلسني بجانبه وقال لي ماذا تريد فقلت له أريد أن أعمل مقابلة مع سموكم الكريم، فقال لي مقابلة دفعة واحدة؟ فقلت له نحن جريدة الجزيرة وأنت أبو الجميع ولدي أسئلة عن مدينة الرياض ومستقبل المدينة، فهش في وجهي ورحب بي، وترك قيادات الأمن وأعطاني من وقته الكريم فخرجت بحوار مهم جدًا مع أمير منطقة الرياض وقتها، وكان هذا الحوار مطلبًا لكل الصحف، فعدت بالمسجل والصور إلى خالد المالك رئيس التحرير وقلت له هذا حديث مع سمو أمير منطقة الرياض، فلم يصدق فقلت له فرغوا الصور وكان تفريغ الصور وقتها يأخذ وقتًا، وكان هذا الحوار نقلة كبيرة لي في عالم الصحافة.
بعد هذا الحدث المهم في مسيرتي الصحفية بعدة أشهر، زار الجزيرة كعادته في كل عام الأستاذ عثمان العمير، وكان يدير مكتب الجزيرة في لندن، وتعرفت عليه، بعد أن وجدني متحمساً ومهتماً ولي اسمي في داخل الجريدة، فاحتضن حماسي وكنت صديقاً له من اللحظة الأولى واستفدت منه كثيرًا جدًا، وتطورت الأمور إلى أن استلمت مناصب قيادية في الجزيرة، وبنيت علاقات قوية مع الشخصيات والمندوبين إلى أن أصبحت المندوب الصحفي الخاص بالملوك وكبار الأمراء والوزراء في زياراتهم خارج المملكة، وأنا سعيد جدًا بكل ما مر في تجربة عملي الصحفي، وأتشرف بكل علاقاتي التي بنيتها مع قيادات التحرير في الصحافة.
* أنشأت رامتان لتنظيم المعارض والمؤتمرات، وكنتم أول مؤسسة فردية سعودية يتم منحها ترخيصًا لإدارة وتنظيم المعارض والمؤتمرات، لماذا بدأت نشاطاً جديداً، بالرغم من خبرتك الطويلة التي تجاوزت العشرين عاماً في مجال الصحافة؟
- بعد أن تنحى رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك من جريدة الجزيرة، خرجت من الجزيرة قيادات التحرير التي كانت تدير الجزيرة وقتها وأذكر منهم، عثمان العمير، عبدالرحمن الراشد، محمد العوام، حسين الفراج، وكل قاده طريقه إلى اتجاه.
وكما حققت النجاح في مسيرتي الصحفية، فقد وفقني الله في مسيرتي العملية اللاحقة، حيث كنت في أحد الأيام في جلسة خاصة مع أحد أصحاب السمو الملكي في مدينة جدة، والذي كان يوافق وقتها افتتاح مشروع الجسر بين السعودية والبحرين، فقلت للأمير الذي كنت في ضيافته، هذا الموضوع يجب أن يستثمر بشكل أوسع، بالرغم من التغطية الإعلامية كانت ممتازة، وقال لي ماذا تريد أن تصنع، وأنت الآن صحفي بلا عمل- وكنت وقتها قد تركت جريدة الجزيرة ضمن تنحي رئيس وقيادات التحرير- فقلت لا بد من عمل شيء، ورجعت من جدة، وبحكم عملي السابق في مجال الصحافة، فقد كانت علاقاتي واسعة مع كثير من المسؤولين الحكوميين، وقمت وقتها بالتقدم بفكرة إقامة معرض للمنتجات السعودية في البحرين، مع عدم حصولي على تصريح إنشاء معارض، كان لدي فقط ترخيص رامتان للإعلان، فأستحسن المسؤولون الفكرة، وعلى رأسهم الدكتور غازي القصيبي الذي كان سفيراً في دولة البحرين، وباشرنا بالتسويق لإقامة أول معرض للصناعات السعودية في دولة البحرين، إلا أننا واجهنا صعوبات في البداية من بعض تجار البحرين الذين اعتقدوا بأن المنتجات السعودية ستكون منافسة لبعض توكيلاتهم التجارية، فذهبت إلى الدكتور غازي القصيبي - رحمه الله - وقدمت له اعتذاري وانسحابي عن إقامة المعرض بسبب الضغوط التي واجهتها، فطلب مني طلبًا غريبًا كعادته، وقال لي أذهب إلى الفندق ولا ترجع لي، وغدا ترى الصحف، وفي صباح اليوم التالي فوجئت بأن جميع صحف البحرين تحمل توجيهاً من سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة بفتح كل البحرين لاستقبال معرض الصناعات السعودية في البحرين، وعلمت أن الموضوع انتهى وتجاوز الإشكاليات التي كانت موجودة، ورداً للجميل، طلبت من المصانع السعودية، وساعدني وقتها وزير التجارة الدكتور سليمان السليم رحمه الله، وفي وزارة الصناعة كان المهندس عبدالعزيز الزامل وسليمان العليان رئيس مجلس الغرف، في أن تقوم جميع المصانع السعودية بعدم بيع المنتجات السعودية في المعرض بل توزيعها مجاناً على جميع زوار المعرض، وهو ما حدث فعلاً، وكان من أنجح المناسبات الأخوية التي تثبت عمق العلاقات الأخوية بين البلدين.
في لقاء جمعني مع عبدالرحمن الزامل وكان وقتها وكيل وزارة التجارة، قال لي: يا حسين لماذا لا تعمل في مجال تنظيم المعارض؟ قلت له كيف؟ وجميع الشركات العاملة في هذا المجال أجنبية، فقال لي تعال إلي غداً ونحل لك الأمر، وهو ما حدث فعلاً، حيث كنت أول سعودي يحصل على ترخيص تنظيم معارض كمؤسسة فردية، وكانت بداياتنا كأي مؤسسة صغيرة، وخلال فترة قصيرة أصبحنا والحمد لله من الشركات ذات القيمة التي يشار إليها بالبنان في المملكة العربية السعودية ودول الجوار.
* عززت رامتان مكانة ريستاتكس كواحد من أكثر المعارض العقارية نجاحًا واحترامًا في المملكة العربية السعودية، كيف بدأت الفكرة لديكم وما هي الصعوبات التي واجهتكم؟
- في بداية اطلاق مؤسسة رامتان للمعارض والمؤتمرات عام 1996م، لم يكن نشاط المعارض معترفاً به كنشاط فاعل ومؤثر، وكان هناك أربع شركات فقط مسيطرة على السوق السعودي، وكانت المعارض التي تقام في السعودية محدودة وتتجه للنشاط الاقتصادي القوي في السوق السعودي، كالزراعة والبناء وغيرهما، ولم تكن هناك أفكار لمعارض جديدة، وقد توصلت إلى قناعة بعدم منافسة الشركات الكبرى، حيث كان من الصعب اختراقهم بعدما بنوا علاقات تجارية واسعة على مدى سنوات طويلة، وقد عملت بعض المعارض السعودية للصناعات السعودية في دبي والمغرب وعمان وبعض الدول، وكانت هذه المعارض في بداياتها جيدة، ولكن معارض الصناعات الوطنية بدأت تفقد بريقها وعوائدها الاقتصادية.
وفي ذلك الوقت لم تكن ثقافة المعارض متوافرة لدى الجمهور أو الإعلام كما هي الآن، وكان المهندس عبدالمحسن الزكري أحد أصدقائي، يدير وقتها شركة الرياض للتعمير، التي كانت الشركة الوحيدة الناشئة التي تشتغل في قطاع العقار برأس مال كبير، بينما باقي الشركات العقارية الأخرى كانت تعود لأسر عقارية معروفة، وقال لي لماذا لا تنظم معرضًا عقاريًا، أبلغته بأن مفهوم الاستثمار العقاري لدينا محدود في الأراضي الخام والمساهمات، وملاك العقار تعودوا على إدارة أعمالهم عن طريق مكاتبهم، قال لي جرب فقط ونحن كشركة الرياض للتعمير سنكون أول المشاركين، وقد قمت بالحصول على الرخصة التجارية لتنظيم المعرض العقاري من وزارة التجارة الذين أبدوا استغرابهم من فكرة المعرض حيث لم يكن قد أقيم سابقاً، قمت بعدها بالذهاب للمهندس عبدالمحسن الزكري وأبلغته بحصولي على رخصة تنظيم المعرض العقاري، وقد شاركت شركة الرياض للتعمير، كما زرت كبار العقاريين ودعوتهم للمشاركة في المعرض، أيضاً هم استغربوا إقامة معرض للعقار، لأن العقار برأيهم لا يحتاج لتسويق حسب فهم العقاريين في وقتها إلا أنني بعد إقناعهم اشترك بعضهم، خاصة أنني كنت أخدمهم إعلامياً سابقاً وأسلط الضوء على أعمالهم، حيث لم تكن شركات في غالبها بل مكاتب عقارية وعملنا معرضًا صغيرًا في فندق الإنتركونتننتال عام 1998.
وكان وقتها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز يرأس الجمعية السعودية لعلوم العمران، وكان محبًا ويدعم الأفكار الجديدة، فطلبت من سموه أن يفتتح المعرض، قال لي مستغرباً ماذا ستعرض ومن سيكون موجودًا، فقلت له بأنني احتاج لموافقتك وسأزودك بأسماء الشركات المشاركة، وافق سموه مشكورًا على رعاية افتتاح المعرض وأكد حضوره إكراماً لي وقال بأنني أحضر لك لا للمعرض، وقمت وقتها بتجهيز الأجنحة للمشاركين والإضاءة والأسماء وقمت بحفل عشاء ودعوت زملائي الصحفيين وكان المعرض صغيرًا جداً ولا يتجاوز 400 متر، وبحكم كونه المعرض العقاري الأول فقد تحملت خسائر من المعرض، لكن كان بداية للتعريف بالمعرض العقاري وبدأ العقاريون يتساءلون عنه، حيث استمررنا بإقامة المعرض في فندق الإنتركونتننتال لمدة ست سنوات حتى امتلأت قاعات الفندق، لنقوم بالبحث عن مساحة أكبر، حتى انتقلنا عام 2004 إلى صالة المعارض الوحيدة في مدينة الرياض في حي المروج، وكانت ملكيتها تعود لشركة معارض الرياض المحدودة، وهنا لا يفوتني أن أسجل لسمو الأمير سعود العبدالله الفيصل رئيس مجلس إدارة الشركة، شكري على كريم موافقته على إقامة المعرض، حيث كانوا مستأجرين القاعة بالكامل لفترة طويلة، ونما المعرض مع نمو الاستثمار العقاري في السعودية، وكنت ومنذ أن بدأت في مجال العمل لا أتنازل عن قاعدتين رئيسيتين في حياتي هما: المصداقية والعمل بنفسي، ولا أسمح لأي شخص أن يتصرف إلا تحت إدارتي وأحرص على عملي وأتابع بنفسي، ومع هذا التطور العقاري الهائل، نجح معرض ريستاتكس إلى أن أصبح الحدث الأهم في قطاع المعارض في السعودية، وشراكتنا مع جميع وزراء الإسكان وما قدمناه للوزارة أو قدمته لنا هو أحد أسباب نجاح المعرض بشكل كبير.
* بالرغم مما طرأ على نشاط وسوق القطاع العقاري والإسكاني والتمويلي في المملكة من تغير للأنظمة الجديدة إلا أن «معارض ريستاتكس العقارية» أثبتت ريادتها وقدرتها على التميز والقوة والوجود والحضور في مواعيد إقامتها على مدار العام بين الرياض وجدة والمنطقة الشرقية، ما هي معادلتكم التجارية لاستمرار النجاح لهذا المعرض؟
- يعد العقار المحرك الأساسي للاقتصاد، كما ان العقاريون يتداولون منذ القدم عبارات تؤكد ثبات العقار، فيقولون «العقار يمرض ولا يموت» كما يسمونه بالابن البار، فالعقار قد يهدأ قليلاً ليعاود نشاطه لاحقاً بقوة، كما ان السوق العقاري السعودي قوي وتضخ فيه الكثير من الأموال والاستثمارات، وتدخل فيه شراكات دولية.
إن نجاحنا في رامتان لتنظيم المعارض والمؤتمرات وخبرتنا الطويلة لسنوات في تنظيم معرض ريستاتكس جاء بعد جهود كبيرة والتزام دائم بمعايير الجودة والمصداقية والحرص على تقديم أفضل الخدمات للعملاء والمستثمرين والقطاعات الحكومية والخاصة، والذين وجدوا بأن المعرض يغنيهم عن الكثير من بنود التسويق ومصاريفه الأخرى كالإعلانات، ويحقق التواصل المباشر مع المشتري والمستثمر، وتبادل فرص الشراكات والتعاون التجاري والدخول في استثمارات مشتركة، والتعرف على المنافسين، والثقافة العمرانية الجديدة.
لقد غدا معرض ريستاتكس الملتقى الأهم لقيادات العقار والتمويل والاستثمار الإسكاني في المملكة لعرض مشاريعهم الكبرى، والبوابة السنوية لمسؤولي وزارة الإسكان للتعريف بمنجزات الوزارة وبرامجها ومشاريعها، وأصبح مطلباً لجميع أطراف القطاع العقاري، المستثمر العقاري والمشرع الحكومي في قطاع الإسكان والمتلقي للمنتج العقاري أو التمويلي، وهو ما شكل ثقة الجميع في المعرض، إذ يكفي فقط أن نذكر عملاءنا بتاريخ المعرض، ليصلنا تعميد المشاركة، ثقة منهم بجديتنا ومصداقيتنا في خدمة المعرض بغض النظر أحياناً عن الجوانب المالية.
* مع نجاحكم محلياً، هل لديكم التوجه لإقامة فعاليات دوليه في المملكة؟
- تعد المعارض والمؤتمرات، صناعة تقوم عليها اقتصاديات دول ومدن كاملة لما تمثله من عوائد اقتصادية وثقافية وسياحية وتجارة تجزئة وخدمات، كما انها تلعب دوراً حاسماً في تنشيط التجارة وعقد الصفقات التجارية وتنمية الاستثمار، وتعد من أهم وسائل تعميق وتنمية وتوثيق الصلات الاقتصادية بين الدول والشركات والعملاء.
والمملكة العربية السعودية وبقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين وطموحات ولي العهد، مقبلة على انفتاح اقتصادي حالم وضخم، وهناك مشاريع ضخمة بمليارات الريالات في مجالات التقنية والمدن الذكية والبنية التحتية والمطارات وغيرها، والتي تستلزم معارض ومؤتمرات تناسب مع هذه المرحلة المهمة.
ونحن في رامتان لتنظيم المعارض والمؤتمرات، استشعرنا باكراً هذا التطور في اقتصاد المملكة، وكان لا بد من إحداث نقلة نوعية في قطاع المعارض والمؤتمرات تتماشى مع هذا التحول للأفضل حسب رؤية 2030، ولدينا حالياً مع بعض الشركات الدولية ومنها شركة انفورما المنظمة لمعرض معرض سيتي سكيب، نقاشات جادة واتفاقيات مبدئية على التعاون والشراكات الدولية لتنظيم معارض ضخمة تتمتع بمواصفات دولية من حيث الحجم ونوعية المعروض والحضور وآلية التنظيم، والاستفادة من التجارب الدولية وفتح المجال لمعارض ناجحة ناجحة في دول أخرى واستنساخها.
* رسوم الأراضي البيضاء، هل أسهمت في ارتفاع أسعار العقار؟
- لست مستثمراً في القطاع العقاري، ربما لا يكون لي علاقة مباشرة، لكن من خلال اللقاءات وورش العمل التي قدمتها قيادات وزارة الإسكان في المؤتمرات المصاحبة الأراضي خلال معارضنا في الرياض وجدة وحسب علاقاتي بوزارة الإسكان وكبار العقاريين وقراءاتي للمؤشرات العقارية وبصفتي منظمًا لأكبر معرض عقاري، لمست أن رسوم الأراضي أساء خطأ فهمها، إذ هي مطلب اقتصادي وحكومي وتحفيزي لتنمية قطاع العقار وعائدها في النهاية سيعود على المواطن المحتاج للسكن، والدولة لم تقرها إلا بعد دراسات واستشارات ومشاركة مجلس الشورى، وقد بدأت منافعها تظهر للجميع.
* أطلق الأمير محمد بن سلمان مشروع «نيوم»، كيف ترون أثر هذا المشروع الضخم على الاقتصاد السعودي عموماً، وعلى سوق تنظيم المعارض والمؤتمرات؟
- هذا مشروع حلم أتي في توقيته الصحيح، ويمثل لكل من يدرك المرحلة وما الدولة مقبلة عليه من رؤية وخطط وتنمية وتغيير مفاهيم العمل الاقتصادي والاستثماري في المملكة، وهو إنجاز يفوق توقعات كل من تابع منجزات الرؤية في السنتين الماضيتين، كنقلة سياسية اقتصادية ثقافية اجتماعية، نتمنى من الله أن تتحقق، لكن هناك البعض ممن لا يقرأ الملفات بشكل صحيح من ناحية اقتصادية أو إعلامية، ويعتقدون أن الدولة ستضخ 500 مليار دولار، وهذه معلومات غير صحيحة بمنظور الاقتصاد والاستثمار الدولي، والدولة تعرف كيف تدير إمكاناتها وثرواتها، لكن هذه الأموال ستجلب للسعودية ولن تخرج منها.
ونحن حالياً نعيد استكشاف خيرات بلادنا التي تحوي كل الخيرات في ترابها ورملها وسواحلها وبحرها وموانئها وهو بحق تشكيل للدولة السعودية برؤية جديدة، كما أنه إنجاز سياسي يحسب لقادة الوطن، وهو مشروع واعد مع منظومة المشاريع الأخرى، التي أحدثت هزة كبرى للعالم، ومن رأى كبار المستثمرين والشركات الضخمة بقياداتها تحضر للرياض وتعلن عن قبلوها بالأفكار والطروحات السعودية، يعلم تماماً إن المملكة مقبلة على تغيير شكل العالم والمنطقة، وهذا ذكره سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في كلمة الموجزة في إطلاق مشروع نيوم، وهذا حدث أتمنى من كل مواطن سعودي أن يستبشر بالخير به وأن يدعمه وأن يتفهم، وأن يقرأ جيدًا هذه الأرقام والتحولات وما وراءها من خير قادم للملكة العربية السعودية.
* يلاحظ المساحات الهائلة وكثرة المشاركين في المعارض عالمياً بالرغم من كون بعضها لمشاركين محليين، إلا أننا نلاحظ قلة المساحات المتوافرة في المعارض داخل المملكة، إلى ماذا ترون ذلك؟ هل ارتفاع أسعار تأجير مراكز العرض أم لثقافة المعارض لدى الشركات السعودية؟
- قدم مركز معارض الرياض الدولي للمعارض والمؤتمرات التابع لغرفة الرياض، خدمات جيدة لشركات تنظيم المعارض والمؤتمرات، في بداية تأسيسه وما زال، لكن والمركز وحسب دراسته في بداية تأسيسه كانت مساحته جيدة، لكن الآن ومع النمو الكبير في الاقتصاد السعودي وتوجه كثير من الشركات الأجنبية للمساهمة في المعارض السعودية، أصبحت المساحة لا تكفي، وأصبح بعض المنظمين يبني مساحات إضافية في بعض المعارض الكبرى، وأنا هنا ألوم غرفة الرياض ومسؤولي المركز لعدم التخطيط المسبق لإمكانية التوسع، خاصة أن المركز يقع في العاصمة الرياض، وكان يجب أن يكون بمساحة أكبر من الحالية ليتناسب مع المرحلة الجديدة التي يعيشها الوطن، وبأسعار تشجيعية تتناسب مع الجميع، وتفهم متطلبات المنظم في توفير المعلومات والخدمات التي لا يتوافر بعضها للأسف في المركز، وأنا على ثقه بأن مركز الرياض بقيادة الزميل والصديق ماجد الحكير يدرسون بجدية تفعيل دور المركز وزيادة مساحته، وقد قاموا بعقد العديد من ورش العمل، كما تقدمت أنا بصفتي رئيس لجنة المعارض والمؤتمرات بغرفة الرياض بملف متكامل لتطوير المركز وخدماته.
أما بخصوص المعارض العقارية الدولية، وعلى الأخص معرض سيتي سكيب، فهو معرض يستمد قوته وحجمه من مشاركة الشركات الدولية حول العالم، ومن آلية العمل في دبي في استقبال المعرض، فاقتصاديات دبي قائمة على المعارض والسياحة والتجارة البينية، والأنظمة هنا في المملكة لا تسمح بمشاركة شركات عقارية دولية إلا وفق ضوابط لحماية المستثمر السعودي من بعض الوسائل والأساليب غير الموثوقة في قطاع العقارات، والمملكة حريصة أن تحافظ على حقوق المواطن السعودي حماية له من خداع بعض الشركات، لكن الشركات الدولية الجادة تستطيع مباشرة أعمالها هنا، لكننا، ولكن قياساً لمعرض ريستاتكس وهو معرض بمشاركة شركات سعودية بالكامل، ويقام بشكل سنوي وبمساحة كبيرة، فهذا بحق إنجاز كبير للمعارض المتخصصة في المملكة.
* بالرغم من أن المشاركة في المعارض التجارية تعد من أنجح الأفكار التسويقية، إلا أننا نرى إحجام بعض الشركات المحلية عن المشاركة، هل ترون هذا يعود لقصور في فهم الدور الحيوي للمعارض التجارية؟
- للأسف فإن هذا راجع لقصور فهم البعض لدور وأهمية المعارض التجارية، إذ يعتقدون أن المشاركة في المعارض تشمل استئجار مساحة ودعوة الشركات والإعلان عن المشاركة، نحن في السعودية ما زلنا نرى بأن المعارض التجارية مكان للترفيه وليس كصناعة اقتصادية مهمة، وهو أمر بعيد جداً عن هذا الفهم القاصر، المعرض فن وصناعة رائعة تدخل فيها عوامل كثيرة منها ثقافة المنظم وقدرته على الإحاطة بأسباب نجاح كل معرض، وأي معرض منظم في فكرته وتوقيته ومكان المعرض والتغطية الإعلامية سيتحقق له النجاح حتى لو كان في دورته الأولى.
* يعتقد البعض بأن رجال الأعمال الناجحين لم يمروا بتجارب فاشلة، كيف ترون فلسفة الربح والخسارة بالنسبة إليكم؟
- هذا اعتقاد خاطئ، فالحياة قائمة على الربح والخسارة، وفي بعض الأحيان يجب عليك أن تخسر لتعرف طعم النجاح، وما يميز رجال الأعمال الناجحين هو عدم توقفهم عند محطة الفشل الأولى، بل يعاودون الكرة تلو الأخرى ليجددوا الأمل ليكون وسيلة للنجاح، والفشل لا يعني نهاية العالم، الذي لا يفشل لا ينجح، والذكي من يعترف بفشله وبنقاط ضعفه ويعيد دراسة نفسه ولا يلقي بأسباب فشله على ظروف خارجية، إن فشلت فأنت من صنع فشلك لا غيرك، لكن العاقل من يتعلم من نفسه، وأتمنى من الجميع، من أبنائي وبناتي أولاً وممن سيطلع على هذا الحوار أن يفهم أمرين رئيسيين وهما: لا تباشر عملاً لا تعرف عنه شيئاً وحاول أن تنمي من قدراتك واستشر الآخرين، ولا تعطي كلمة وتنسحب، لأنك بذلك تصنع فشلك باكراً.
* ما النصيحة التي توجهونا لرواد الأعمال من الشباب؟
- نصيحتي لكل ممارس للعمل الحر، ومن تجربتي الشخصية في مجال العمل، اشتغل بنفسك فلن يخدمك مثل نفسك واجعل القرار في يدك، ومن لديه الخبرة اجعله يعمل لديك لا أن تعمل لديه، أما أن تصبح ذا شأن وأنت لا تعمل فهذا أول طرق الفشل، كما أنني أؤكد على زملائي في شركات تنظيم المعارض أن يهتموا بالشراكات الدولية وأن يوثقوا أعمالهم باحترافية وأن يقوموا بالإشراف بأنفسهم على أعمالهم، لأن العمل في مجال المعارض والمؤتمرات حساس وخطير وأي خطأ غير قابل للإصلاح، كما يجب أن يكون العمل احترافيًا والاهتمام بكل التفاصيل الصغيرة والتخطيط المبكر لأي فعالية.
* كيف تقضي يومك؟
- أرى بأن متعتي في عملي في مجال المعارض، وهو قائم على العلاقات المتنوعة من الصغير إلى الكبير إلى الدولة، كما أنني أحرص على تعزيز العلاقات والحفاظ عليه، وارتباطي العملي يطغى على يومي حتى في إجازتي، إذ لا أؤمن بأن الأمور تؤجل، ولا بد من حل الموقف واتخاذ القرار في وقته وإذا تم تأجيله، تراكمت الأمور، والتي قد يؤدي تعقيدها إلى تعطيل العمل، كما أنني أحرص على البقاء في منزلي ووسط عائلتي بشكل كافٍ يومياً، ولست من هواة المقاهي والاستراحات، حيث يسعدني أن استقبل ضيوفي يوميًا في بيتي، إذ إنني أؤمن بالصداقات الحقة، ولا أستطيع أن أخسر صديقاً، والكثير من الوقت أقضيه في التعامل مع الزملاء أو الزيارات،كما أنني من هواة القراءة التي اعتبرها جزءاً مهماً من يومي، بالإضافة إلى متابعة الأحداث السياسية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر، كما أن جزءًا ليس بالقليل من وقتي يذهب لاجتماعات اللجان التي أرى استطاعتي في المساهمة في تنمية قطاع المؤتمرات والمعارض، حيث إنني أعمل رئيس لجان في مجالس غرف وغرف تجارية وهو عمل شرفي يشرفني دائماً القيام به.
* كلمة أخيرة تودون قولها؟
- كلمتي أوجهها لكافة المسؤولين في القطاعات الحكومية، والجهات ذات العلاقة في مجال تنظيم المعارض والمؤتمرات، بأن يولوا قطاع صناعة المعارض والمؤتمرات اهتماماً أكبر، وأن يدركوا إسهام القطاع الهائل في الاقتصاد السعودي والسياحة، وجلب الاستثمار الخارجي، وأن يسهموا بإنشاء مراكز عالمية تليق بحجم توجه السعودية القادم نحو العالمية، وأن يتفهموا أن صناعة المعارض والمؤتمرات أصبحت أحد أعمدة الاقتصاد والسياحة ونشر الثقافة على مستوى العالم، كما يجب أن يتم مراجعة الكثير من الأنظمة المتعلقة بالمعارض والمؤتمرات والتي مضى عليها فترة طويلة، وكم من دول ومدن حول العالم بنت سمعتها الدولية والتجارية والإعلامية والثقافية والاجتماعية من المؤتمرات والمعارض التجارية.