عمر إبراهيم الرشيد
لا أزعم أن الكتابة في أمر يخص بيوت الله تعالى سهلة المنال لأكثر من سبب، منها أن هذه المسألة تمس جوهر الدين وعموده وهو الصلاة، وهي بهذا بالغة الأهمية والخطورة والحساسية في نفس الوقت، ذلك أنه يكتب عن بيوت الله الكثيرون فمنهم المحق ومنهم المجتهد، ومنهم من له أغراض أخرى لا أود التطرق لها فإهماله أجدى (أميتوا الباطل بالسكوت عنه) كما قال الفاروق رضي الله عنه.
نقل لي أحد الثقات شكواه وجماعة مسجد الحي الذي يسكنه من الإمام وضعف قراءته والتزامه بأداء وظيفته المكلف بها على الوجه المطلوب، وبرغم مطالبات جماعة المسجد وأهل الحي منه بتعديل وتحسين أدائه إلا أنه لا يعيرهم أذناً صاغية. والعلة الباطنية كما نقول في تعبيرنا هي مسألة البيت الذي ينتفع به الإمام من أمثال أخينا المذكور عفى الله عنه، فهو موظف حكومي بمرتبة جيدة وراتب كبير ومع ذلك يتقاضى المكافأة المقررة للأئمة من الوزارة وفوق هذا ينتفع من البيت الملحق بالمسجد أو يقوم بتأجيره والاستفادة من وراء ذلك.
وكما قلت بدءاً أعود للتأكيد، بأن ما أكتبه ليس حسداً أو نكاية وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، ولكني أتوجه إلى معالي وزير الشؤون الإسلامية آملاً ايصال أصوات جماعة ذلك المسجد وأمثاله في المملكة عموماً بهذا التساؤل الملح الذي طالما تم طرحه في الكثير من المنابر ووسائل الإعلام، وهو أليس خريجو كليات الشريعة وأصول الدين العاطلون عن العمل أولى بوظيفة الإمامة من موظف حكومي في الأساس، زاحم وركض حتى يحصل عليها بهدف الانتفاع من المكافأة وبيت الإمام الملحق بالمسجد كهذا الإمام غفر الله له (اسم المسجد والحي موجود للمتابعة)، بينما حرم منها من هو أنسب لها من حيث التخصص الشرعي ومن حيث الحاجة إلى الوظيفة والرزق والخروج من مغبة البطالة. والمسألة ليست تعميماً ولا هي شخصنة فهذه أمانة الكلمة التي أحاسب عليها من العزيز القدير ثم النظام وقوانين النشر المعمول بها في المملكة أعزها الله، فالمسألة ليست مجالاً كما قلت للطعن أو التشدق والفذلكة، أو المساس بمن هو قائم بالإمامة على الوجه الذي يرضي الله تعالى، من حسن التزام بالإمامة وإجادة التلاوة وحفظ كتاب الله والمحافظة على الآداب الشرعية والتنبيه عليها، مع ترك المجال كما قلت لمن هو بحاجة لها. فهل يتم تعديل النظام المعمول به حالياً على أن تكون وظيفة الإمام رسمية وبالتفرغ التام لها، لا أن تكون إضافية كما هي حالياً، وعلى أن يكون لها مرتبة وسلم رواتب كأي وظيفة في وزارة الشؤون الإسلامية.
هذا التعديل المرجو بزعمي سيقضي على معظم السلبيات التي يشتكي منها الكثيرون بخصوص التزام الأئمة من كافة النواحي، ويخفف من صفوف البطالة المقيتة كفانا الله شرورها. هذا ما يخص إمامة بعض المساجد ولم أعمم لأن التعميم لغة الجهلاء، ولم أتطرق إلى بعض المؤذنين عفى الله عنهم، أو إلى سلبيات تخطيط كثير من مساجدنا وبنائها، ولعل هذا له حديث آخر. وللتذكير فلدينا جوامع ومساجد نفخر بها وبأئمتها ومؤذنيها وفقهم الله تعالى. هذا ما وددت ايصاله إلى معالي الوزير ووكالة شؤون المساجد أطهر البقاع وأحبها إلى الله، والله من وراء القصد وإليه المآل.