فهد بن جليد
بعيدًا عن الهجمة السياسية والاقتصادية الشرسة على تطبيق (تيك توك) الصيني من قبل أمريكا، وإيقافه في الهند بتهمة التجسس، وغيرها من الاتهامات في دول أخرى، يبدو هذا التطبيق أذكى من غيره لناحية الاهتمام بالمستخدم ومشاركته الفيديوهات السريعة بتقديم محتوى مشابه من خلال التوصية عبر الذكاء الاصطناعي حسب اهتمام وتفضيلات كل مستخدم، وهو ما يعني الاستمرار بالتصفح - اللاإرادي- عند الدخول لمرة واحدة، ولعلَّ عمل مؤسس التطبيق (تشانغ يي مين) في مايكرو سوفت لوقت قصير العام 2008م جعله على اطلاع بالخطط والتحديات التي تشكلها تجارب التطبيقات في الخفاء مع بدايتها، وهو ما مهَّد لولادة التطبيق لاسيما وأنَّه أسس منصة مشاركة الفيديو TikTok العام 2012 وهو لم يبلغ الثلاثين من عمره بعد، جنباً إلى جنب مع تطوير تطبيق الأخبار (توتياو) ما يعكس توجهاته وأفكاره، اليوم تشانغ وفريقه يملكون بيانات (مليار مستخدم)، على الأقل في نظر الولايات المتحدة الأمريكية ومن يتبنون نظرية التجسس المعلوماتي، وأنَّ التطبيق واجهة لجمع كل هذه المعلومات والاهتمامات، الأمر الذي يعني أياماً حُبلى بالصراع التقني.
الفنانة مشاعل واحدة من الفنانات اللاتي يعرض لهنَّ مقاطع موسيقية وأغاني عبر تيك توك، تقول إنَّها كانت سعيدة بتبني التطبيق مشاركة الموسيقى والمقاطع الفنية، ولكن سرعان ما تغيَّر رأيها (كأم) عندما اكتشفت أنَّ التطبيق مضر بالصغار والتربية، فهو يعرض مقاطع الرقص وبعض الحركات غير اللائقة والمناسبة للأطفال، ويحتاج رقابة دائمة وهذا أمر مستحيل، ومن وجهة نظرها (حذف التطبيق) هو الحل الآن فالصغار يقلدون محتواه دون وعي أو فهم، كثيرون يشاطرون الفنانة هذا الرأي تربوياً ونفسياً، بل إنَّ بعض آراء التقنيين متباينة بين الترحيب المُسبق بالتطبيق كمنصة مشاركة سريعة ومسلية أكثر تفاعلاً من المنصات الأخرى، وبين المخاوف اللاحقة التي بدأت مع ظهور الاتهامات على السطح.
المستخدم العادي يقف حائراً وسط هذه الاتهامات والمخاوف، ويحتاج إلى إرشاد وتوضيح من جهة تقنية معتمدة يثق بها، للإجابة على سؤال: هل التطبيق آمن؟ ويمكن الاستمرار باستخدامه دون مخاوف؟ كمجرد منصة تسلية وتبادل نشر للفيديوهات مثلما يقول (تشانغ) ورفاقه، أم أنَّه واجهة لشبكات عالمية تجمع المعلومات وتقوم بالتقصي حول المستخدمين كما تقول أمريكا والهند وغيرهما، لا يمكن ترك المستخدمين حائرين هكذا دون توضيح، أمَّا طرح الفصل الثالث للنقاش حول أخلاقيات وتأثير ما يقدم من محتوى على المستخدمين الصغار فهو مسؤولية تربوية مستمرة ودائمة لكل أب وأم وأخ وأخت.
وعلى دروب الخير نلتقي