الهادي التليلي
تأسيس هيئة المسرح والفنون الأدائية السعودية كان بمثابة الحلم الذي تحقق فقط بالنسبة لمبدعي المملكة ولكن لكل مبدعي العالم العربي.
فتاريخ فبراير 2020 كان لحظة فارقة في تاريخ المسرح بالمملكة وهو تاريخ تأسيس هيئة المسرح والفنون الأدائية.
وفي حقيقة الأمر الشأن المسرحي بالسعودية عريق ثري بالتجارب والأسماء حيث منذ الستينات كانت هناك تجارب وحراكا توج بتأسيس «الجمعية العربية للفنون» سنة 1973 وكان دورها اكتشاف ورعاية المواهب الفنية بل وأصبح لها في ما بعد عددا من الفروع في عدد من مناطق المملكة هذه الجمعية تعد نواة هيكلية لا يمكن تجاوزها في الحديث عن نشأة الفنون الأدائية السعودية.
ولو عدنا بذاكرة السينما والدراما السعودية نجد أسماء شاركت في هوليود منذ سنة 1937 وهنا يحضرني الممثل وليد الرواف الذي شارك في هوليود من خلال الشريط الأمريكي «أنا أغطي الحرب»مع الممثل جون واين.
أيضا الممثلة دنيا الشهابي التي شاركت في هوليود في عديد الأفلام لعل من بينها «أميرة وسام» و»جاك راين» المعروف مع جون كراسنسكي.
كما كان للممثلة السعودية عهد الكامل والمتخصصة في الأصل في مجال الصور المتحركة أعمالا هوليودية ودولية توجت بالمشاركة في مهرجان بيروت السينمائي وحصدت الجائزة الذهبية الأولى.
ولا يمكن أن نفوت ونحن نتحدث عن طيور الفنون الأدائية المهاجرة الممثلة السعودية البريطانية عائشة هارت التي قدمت أعمالا فنية كبرى منها مسلسل «اتلنتس» و»لاين أوف دوتي» و»هونر» و»كوليت».
وخارج هذه الدائرة هناك نجوم سعوديون لم يكونوا محتاجين للتحليق خارج الديار لكسب العالمية وهنا يستوقفنا النجم الأول والشخصية الكاريزماتية المؤثرة والفنان الدرامي والمسرحي المتألق عربيا ودوليا ناصر القصبي والذي اختير ضمن 43 شخصية مؤثرة في العالم العربي حسب سبر مجلة نيوزويك ناصر القصبي رمز الدراما السعودية وأحد نجوم العالم العربي بامتياز يعد صوت المبدع وضمير المشاهد.
ولا ننسى باقة من الممثلين المميزين الذين قدموا إسهامات رائعة للساحة الدرامية السعودية والعربية ولعل من أبرزهم حبيب الحبيب وحسن عسيري وأحد مؤسسي الدراما والمسرح محمد العلي والذي كان لي شرف مشاهدة مسرحيته «المزيفون» إضافة إلى وجوه نسائية ناضلت في إثبات مشاركة المرأة السعودية في مسار الفنون الأدائية ومن بينها مريم الغامدي وحلا وريم العبدالله ونرمين المحسن والقائمة يضيق عنها المجال بالنسبة للممثلين والممثلات الذين استفادوا من الثورة السمعية البصرية وإنشاء عدد هام من القنوات الفضائية كانت فرصة لترجمة إبداعاتهم وحضورهم المدوي عربيا ودوليا.
كما لا ننسى مسألة هامة وهي تأسيس الهيئة العامة للترفيه التي مثلت سوقا حية للأعمال الدرامية والركحية وفرصة لتقديم المسرح السعودي لجمهوره.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ماذا بعد تحقق هذا الحلم الذي يعود لرؤية 2030 ومن يقف وراءها الفضل فيه؟
الهيئة العامة للمسرح والفنون الأدائية والتي تهدف «للنهوض بالمجال المسرحي ودعمه وتشجيع التمويل والاستثمار فيه واعتماد برامج تدريبية مهنية وجهات مانحة للشهادات المتخصصة في هذا المجال» حسب النص التأسيسي أمامها تحديات عدة وأفق الانتظارات منها أكبر مما يتوقعه الإنسان العادي ونرى بحكم التجربة المتواضعة أن التأسيس الحقيقي يكون هيكليا برسم خارطة طريق نواتها الأولى تركيز مراكز للفنون الأدائية بكامل مناطق المملكة وتكون لها وظائف التكوين في المجال وتأسيس فرق قارة مرجع نظرها مراكز الفنون في شكل تحاوري حيث يشارك الممثلون بالفرق القارة في صقل المواهب الناشئة كما توفر مراكز الفنون الدرامية غطاء إداريا للفرق القارة المحترفة وينظم مهرجانات مسرحية للأطفال والكبار بالمناطق التابعة لها.
والركيزة الثانية للخارطة الشراكة مع وزارة التعليم بتركيز معهد عالٍ للمسرح يخرج أساتذة التكوين المسرحي يعطي حجما علميا ومساحة للبحث النظري والأكاديمي للمسرح السعودي فالعصامية في المسرح مطلوبة لأن العمل الإبداعي في عمقه تجربة عصامية بحتة لكن التكوين العلمي يصقل التجارب ويعطيها آفاقا أوسع.
أما الركيزة الثالثة صياغة كراس شروط للاستثمار في المسرح يتضمن إجراءات وحوافز لتشجيع الشركات المسرحية الواعدة سواء في لحظة التأسيس أو في مراحل الإنتاج الإبداعي أو حتى في الترويج.
الركيزة الرابعة بناء مسارح يرجع تسييرها لمراكز الفنون الأدائية توفر قاعدة فعل دائم للعمل المسرحي وكما يقول شكسبير أعطني مسرحا وخبزا أعطيك شعبا عظيما فالمسرح مدرسة الشعب ولنا أن نستعيد البرشتية وبرترولد براشت الذي كان أثر فعله بالمسرح على العالم كبيرا ومؤثرا إلى أبعد الحدود فتركيز مسرح سعودي له أسسه التي تشبهه وتختلف عن غيره لا يكون باستقدام أحد الممثلين المصريين الشبان واللعب الركحي كما لو كان تدريبا ساذجا بناء مسرح سعودي يعني تأسيس مدرسة مسرحية مخصوصة يلتقي فيها الهيكلي بالميداني بالأكاديمي والحمد لله المشهد السعودي يتوفر على كل مقومات النجاح.