رمضان جريدي العنزي
التدليس عمل مقيت، وفعل سلبي محض، وعنصر من عناصر الإيهام، وهو حيلة رديئة لتجميل اللاواقع، وتحسين القبيح، ومحاولة جعل الليل كأنه نهار، والأسطورة حقيقة، والخرافة واقع، والقمح شعيرًا، والشعير ذرة، والدهليز مكانًا واضحًا ومضاء، والممر الضيق واسعًا وفسيحًا، والممر الواسع والفسيح ضيقًا ومؤذيًا، والكذب صدقًا، والدجل فضيلة، والرياء عملاً مجيدًا، والنفاق مجاملة رقيقة، والتلون فنًّا، والازدواجية قدرة، والتناقض مهارة، والخربشات إبداعًا، والشرارة لا تحرق، والنجاح فشلاً، والفشل نجاحًا، والحرب سلامًا، والسلام استكانة. إن المدلسين أشرار الخلق، شكاكون، ومخادعون، رؤاهم قاصرة، وأهدافهم ملغومة، يتلاعبون على وتر العقول، ولا يميزون بين الأحداث وردة الأحداث، وينساقون وراء الجهل والجهلة، لا يعرفون عاقبة الأمور، ولا ينصاعون خلف الوقائع، لا يجتهدون، ولا يخلصون، ولا يلتمسون الحق، ولا يبحثون عن الصواب. عندهم سوء نية، وتلبيس، ومراوغة، وتشكيك، وخداع، ويدسون السم في العقول. لهم تخدير وتخذيل وتهويل. ما عندهم رحمة ولا رأفة ولا مسامحة، لهم إفراط وتفريط وغلو، يروجون الإشاعات، ويقلبون الأمور بحجة الحق المزعوم. يجيدون التصنيفات والاتهامات والامتهانات والأسماء ضد وطننا وعلمائنا ومجتمعنا. يريدون لنا التناحر والتصادم والتنازع، ويكيدون لنا كيدًا لتفريقنا وشق صفنا ووحدتنا وتلاحمنا واصطفافنا. المدلسون أعداء بغيضون مبغضون لنا، يستغلون وسائل التواصل بشتى أنواعها لتشويهنا وتخريبنا والازدراء بنا والانتقاص منا. ما تركوا وضيعًا ولا جضيعًا، لا فاسقًا ولا مريدًا، إلا وتعاهدوا معه إرضاء لتطلعاتهم السقيمة وأمانيهم المريضة. أغواهم وأغراهم شيطانهم، وهاجموا بلادنا ومجتمعنا وقيادتنا وعلماءنا، واتهموهم بهتانًا وزورًا وتحريفًا ومكرًا. وما علم هؤلاء أننا شوكة عصية أبية في حلوقهم، وأننا سم وحنظل؛ كونهم حاقدين وحاسدين ومارقين، ولا يفقهون شيئًا سوى أحاديث الكذب، وصناعة البهت. إن المدلسين عندهم عدوانية وإصرار وعزيمة على نشر الفوضى والدمار في وطننا. لقد دأبوا على اختلاف مواقعهم على محاولة ضررنا محاولين اختزالنا بآرائهم الصفراء، ونبوءاتهم الباهتة، وتنظيرهم القاصر. لقد أثبت الوقائع أن هؤلاء حلفاء وعملاء للأعداء، ويعملون معهم بعدوانية تامة على إعاقة نمونا وحراكنا؛ إذ يقفون لنا بالمرصاد لكل قرار أو مشروع صائب نتخذه ونبتغيه؛ إذ ولاؤهمللعدو الذي يتمرغون بنعيمه. لقد عمل هؤلاء مع الأعداء بتدليس فائق، وتزوير مبين، وتزييف واضح، لقلب الحقائق والوقائع، ومحاولة طمسها، إرضاء لذواتهم المعتمة. إن أعمالهم الهمجية، وأقوالهم السطحية، لا نخشى منها ولا نهاب، بل لا نلقي لهم بالاً. وكيف نلقي لهم بالاً وهم مَن قد بائع تراب وطنه بحفنة من المال، من أجل أهداف شخصية، وأنانية ضيقة، لم يحافظوا على الوطن، ولم يحرسوا حدوده الجغرافية. إن الوطنية تعني مكابدة الصعاب والأهوال من أجل رفعة الوطن، وليس الكذب عليه، ومحاولة قضه وهد بنيانه. إن الدجل والخداع واحتراف الضحك على الذقون من أعمال هؤلاء الفاسدة. إن الأغطية المتينة مهما ازدادت متانة لن تغطي عوراتهم، ولن تسترها. إنهم صور من صور الدجل والخرافة والتزييف للحقائق دون منازع، لكنهم يحاولون الانتساب له زورًا وبهتانًا، والوطن بريء منهم ومن مظالمهم وأقوالهم وأعمالهم الشائنة. فلا يعتقد هؤلاء المدلسون الجهلة أنهم بعيدون عن أمر الله، وأنهم ناجون بفعلهم وصنيعهم، قال تعالى {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ؛ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مسؤولاً}. فليتقِ الله كل مضلل وضال ومعاون وعضيد ومعاضد للعدو، وليتُب إلى الله كل هماز لماز مشاء بنميم، وليعُد إلى رشده كل معتدٍ أثيم، يبتغي وأدنا وتشريدنا وسحقنا ونفينا من الوجود. نسأل الله أن يحفظ بلادنا ومجتمعنا وولاة أمرنا وعلماءنا من كل سوء ومكروه وبلية، إنه سميع مجيب.