علي الصحن
تُعرف ردة الفعل بشكل عام بأنها «استجابة حركية أو حسية انفعالية نتيجة مثيرات العالم الخارجي التي يلتقطها الإنسان عبر الإدراك الحسي». وفي الواقع إن الجميع يبالغ في ردة فعله في بعض الأحيان وتجاه بعض الأحداث من وقت لآخر. وهي بالطبع عادة سيئة؛ وعلى كل إنسان محاولة تجنبها، خاصة إذا كان يفقد السيطرة على نفسه، ويخرج عن طوره، ويغضب بشكل مبالغ فيه، ويرمي بكلمات غير مفهومة، أو يوزع اتهاماته بناء على ردة فعله، وبطريقة تجعله محل حديث الآخرين الذين تعكس ردة فعلك المباشرة صورتك أمامهم، واستغرابهم، وربما تندرهم، خاصة إذا كانت ردة الفعل لا تتناسب مع حجم الموقف؛ وهو ما يتطلب من الإنسان محاولة البحث عن علاج لهذه الحالة، وأن يبحث عن حلول مناسبة لها حتى لا يخسر المزيد، وحتى لا يظهر بصورة غير مقبولة، ويستطيع التعايش مع الواقع وأحداثه.
في الشارع الرياضي نشاهد ونسمع ردود فعل غريبة وقوية، ولا تتناسب مع كون الأمر منافسات رياضية خاضعة لكل الاحتمالات، ومعرضة للتقلبات، وما تحققه اليوم قد تخسره في الغد، وما هو بيدك هذا الموسم قد يكون في يد غيرك الموسم المقبل.
من المؤسف أن نشاهد ردود فعل قوية وغير مبررة لأشخاص في عقدهم السادس أو السابع. ومن المؤسف أن يغرد بعضهم أو يتحدث بعبارات خادشة وكلمات مرفوضة، وأن يقلل من انتصارات الآخرين وبطولاتهم بتوزيع اتهامات لا يملك أي دليل عليها، ولن يجده ولو أصبح سهيل قمرًا. أو أن يصف زملاءه أو مدرج منافسي ناديه بأشياء غير مقبولة، يحرج به نفسه، وتكشف معدنه وطريقة تفكيره، وتجعله محل التندر؛ فقط لأن الفريق المنافس مثلاً حقق بطولة كبرى، وإنجازاته تترى!!
ردة الفعل ربما تكون عن طريق تصرفات مباشرة، أو غير مباشرة، تكشف شيئًا من المعاناة الداخلية للشخص. فعندما يحقق الفريق منجزًا، ويبدأ الآخرون بالتقليل منه، ومحاولة محاكاته، وأن فريقهم قد حقق مثله أو سبقه، أو محاولة الحديث عن أشياء قديمة، واستحضار قصاصات وقصص لا تغير من الواقع الحقيقي شيئًا، ولا تحكي شيئًا يغيّر في الأرقام.
الاستعداد لمباراة دورية بشكل مبالغ فيه، والإعلان عن مكافآت مضاعفة، والحديث عنها قبل يومها بأسابيع، ومحاولات التقليل من الخصم وطموحاته، كلها تصب في جانب ردة الفعل القوية والغريبة من جراء حدث معين.
في كرة القدم مثلاً أحداث وتواريخ غيّرت الكثير، وصنعت ردود فعل ما زالت تقدِّم نفسها بصور مختلفة حتى اليوم؛ فيحرج أصحابها أنفسهم، ويقولون ما يؤكدون فيها معاناتهم، وينقلون للآخرين مشاعرهم بصورة مباشرة. ورغم مرور زمن طويل على بعضها إلا أن ردة الفعل ما زالت في قوتها نفسها لدى البعض. ومع أن قانون نيوتن الثالث ضمن قوانين الحركة قد نص على أن: «لكل فعل ردة فعل مساوية في المقدار ومعاكسة في الاتجاه» إلا أنه يفترض أن لا تنطبق هذه القاعدة على الإنسان بعقله وأحاسيسه، وإن انطبقت عليه للوهلة الأولى، وبعد الحدث مباشرة، إلا أنها يجب أن لا تحكم قبضتها عليه، وأن يتدارك نفسه قبل فوات الأوان.