إعداد - خالد حامد:
قتل وباء كورونا حتى الآن أكثر من نصف مليون شخص على مستوى العالم. ويقدر البنك الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2020 سيسجل انكماشًا بنسبة 3 في المائة، فيما يمكن أن يكون أسوأ ركود اقتصادي منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات.
مقارنة ما حدث حاليا جراء كورونا بالكساد العظيم من حيث الدمار الاقتصادي هي محاولة لاستخلاص بعض الدروس المفيدة من التجارب السابقة لتدابير الصمود أمام تبعات جائحة كورونا الاقتصادية. ولكن هناك شكوكا متزايدة في التعاون الحكومي الدولي المتعدد الأطراف التي تسلط الضوء على الجوانب التي لم تناقش من قبل في الأزمة الحالية، وهي «الأمن البيئي».
بمجرد أن بدأ تفشي فيروس كورونا، وصل بسرعة إلى ذروته في فبراير في كوريا الجنوبية. حينها توقع الكثيرون أن الحكومة المركزية ستنفذ تدابير صارمة مثل إغلاق فوري للحدود الكاملة. إن إغلاق الحدود هو بلا شك إجراء حساس دبلوماسياً، ولكنه مع ذلك هو الخيار الأول الذي تدرسه السلطات. ومع ذلك، حتى هذه السياسة المباشرة تتطلب مشاركة فعالة للمعلومات العابرة للحدود لتفادي حالة من الفوضى الناجمة عن فرض تدابير من جانب واحد.
في الوقت نفسه في أوروبا والولايات المتحدة، شوهد عدد متزايد من الاعتداءات العنصرية ضد المواطنين والزائرين ذوي الأصول الآسيوية، مما تسبب في معاناة الأقليات من القلق الاجتماعي والنفسي. لقد أثبت التاريخ أن القوميات المتطرفة يمكن أن تتصاعد وسط الانكماش الاقتصادي. ويبدو أن النهج الانعزالي يخدم التضامن الوطني لكنه يقسم المجتمع تقريا داخل الأمة الواحدة، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى زعزعة التماسك الاجتماعي محليًا ودوليًا.
إن معاداة التعددية، التي كانت سمة من سمات إدارة ترامب، ليست جديدة، لكنها عادت للاشتعال مرة أخرى بعد غضب الرئيس الأمريكي تجاه منظمة الصحة العالمية في معالجة الأزمة الصحية العالمية.
بعد اتهامه بسوء التعامل مع جائحة كورونا في بلده، بدأ الرئيس ترامب في استعداء منظمة الصحة العالمية بسبب تأييدها للصين، حسب زعمه، وأعلن أخيرًا عن خطط لإنهاء علاقة واشنطن بالمنظمة. بدأت لعبة اللوم أيضا عن أصل -وبالتالي المسؤولية عن- الفيروس. في ظل هذا الوضع الحالي، يجب تعزيز الأساس المنطقي للتعاون متعدد الأطراف من خلال المنظمات الحكومية الدولية للمساعدة في التعامل مع الكارثة خلال التنسيق مع جهات فاعلة متعددة.
ناقش الخبراء بالفعل تداعيات فيروس كورونا وعواقبه البيئية مثل انخفاض مستويات التلوث في المدن الكبيرة. ومع ذلك، فإن هذه الظاهرة ليست سوى تأثير عرضي للإغلاق المؤقت. وستعود مستويات التلوث إلى المستويات المعتادة أو حتى الأعلى خلال فترة الانتعاش الاقتصادي. ليس التلوث هو الموضوع الرئيسي للوباء الحالي، بل هو التنوع البيولوجي. الوباء ليس خطأ دولة واحدة والعالم كله أصبح ضحيته. ومع ذلك، فإن مشاكل صحة الإنسان الناجمة عن البيئة مرتبطة بشكل معقد مع الاضطراب البشري في النظم البيوفيزيائية.
لا يمكن لحكومة وطنية واحدة أن تتعامل بفعالية مع الأزمات الجديدة، ولا ينبغي أن يؤدي طلب التحقيق والتعاون الشفاف على توجيه أصابع الاتهام أو نبذ بلد ما، ولكن كوسيلة للتعاون في إدارة الكوارث، بما يتجاوز التنافس على القيادة ومنع وقوع الحوادث في المستقبل.
** **
جيونجون بوردايس بارك - أستاذ مشارك في قسم العلاقات الدولية والدراسات الإقليمية في جامعة KIMEP في كازاخستان.
- عن (كوريا تايمز) الكورية الجنوبية