أ.د.عثمان بن صالح العامر
لا يكفي محدداً للانتماء الوطني (الاعتزاز بالهوية الوطنية)، والافتخار بكونك سعودي الأصل أباً عن جد - شعراً كان هذا الافتخار أو نثراً - مع أهمية ذلك طبعًا، ولكن الانتماء لهذه البقعة المباركة التي تختلف عن كل شبر في هذا الكوكب الأرضي يوجب إضافة إلى (الاعتزاز بالانتماء للمملكة العربية السعودية)، - أرض الحرمين الشريفين، ومهبط الوحي، وقبلة المسلمين أينما كانوا وفي أي زمان حلوا - الالتزام الحقيقي بمضامين ومستلزمات هذا الانتماء وعلى رأسها وأولها التعالي بالانتماء لهذا الوطن (عقيدة وقيادة وشعباً) عن كل انتماء سواء أكان انتماءً قبلياً أو مناطقياً أو نخبوياً وطبقياً فضلاً عن أن يكون طائفياً دينياً ومن ثم استشعار البيعة التي في عنق كل واحد منا لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين، ومن ثم الانصياع التام لما يصدر من قرارات ومراسيم وأوامر ملكية جزماً جاء التوجيه بها للمصلحة العامة الآنية والمستقبلية التي يحرص قادة هذه البلاد -حفظهم الله وأدام عزهم- تحقيقها، والسعي الجاد لدوامها على ضوء رؤية وطنية مدروسة 2030، وهذا يقودنا للحديث عن محدد الانتماء الثالث ألا وهو (التضحية) بالغالي والنفيس، بالروح والمال والولد حفاظاً على أمن هذا البلد المعطاء ودوام استقراره وضمان سلامته من كل ما يزعزع داخله ويهدد حدوده لا سمح الله. وهذه المحددات الثلاثة توجب على كل واحد منا أن يكون رجل أمن وصمام أمان، يدافع عن حياض الوطن، وينافح عنها بكل ما يملك، الجندي بسلاحه، والتاجر بماله، والعالم والسياسي والاقتصادي والمثقف والمفكر والإعلامي بالعقل والقلم بعيداً عن المواربات وأنصاف الحلول والبقاء بالمنطقة الرمادية الضبابية، فالمرحلة اليوم مرحلة فرز الصفوف، وتبيان النفوس، وفضح الخفايا، وكشف المرجعيات والولاءات بكل صراحة ووضوح، ولذا فلا مكان بيننا لخائن أو مندس وإنما الشفافية التامة والمكاشفة الحقة. وكما أن جنود الوطن البواسل في الثغور وجبهات القتال يصدون كيد الغادرين الخونة، ومثلهم رجال أمننا في الداخل يرصدون ويتتبعون فلول الشر المختبئة في الجحور من إرهابيين ومتطرفين وفاسدين مفسدين، فإن على العالم الرباني، وأستاذ الجامعة، والمعلم، والكاتب، والإعلامي، والإداري، بل حتى العامي البسيط مسؤولية مباشرة -دينية ووطنية ومجتمعية وذتية- في الدفاع عن الوطن، ومناصرة قادته في حروبهم الميدانية ضد الفساد بدلاته الواسعة ومضامينه الشاملة، وكذا الحال في منازلاتهم الفكرية ومواجهاتهم المباشرة مع الحزبيين الذين يضمرون الشر كل الشر لبلادنا المملكة العربية السعودية -حماها الله وحفظها ورعاها- خاصة المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين ومن على شاكلتهم والمصفقين لهم والساكتين عنهم فضلاً عن الداعمين لتحركاتهم الهدامة دولاً وجماعات وأفراداً الذين كشفت طرفاً من خياناتهم الفظيعة ونواياهم الشريرة (خيمة القذافي) في غضون الأيام القليلة الماضية، وما خفي - والله أعلا وأعلم - أعظم وأشد وأنكى للأسف الشديد.
إن هذه المسؤولية الشخصية في المناصرة والتأييد وعدم الوقوف في صفوف المتفرجين حق شرعي لولي الأمر على كل مواطن صادق الانتماء يستشعر معنى ودلالة (البيعة لولي الأمر)، كما أنه واجب وطني تفرضه طبيعة المرحلة التي لاؤتخفى، وتمليه محددات الانتماء أعلاه (الاعتزاز بأنني سعودي الجنسية، والالتزام التام بما يصدر من قيادتنا المباركة من أوامر وقرارات، والتضحية الحقة من أجل الوطن وفي سبيله) ودمتم عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.