لا تخلو بلادنا الحبيبة من معالم تاريخية وتراث شعبي، ومن بيوت وقصور قديمة، وأحياء شعبية، وشواهد تاريخية تستحق منا التأمل والنظر فيها ودراستها، وهذا بلا شك يثبت أن بلادنا مرّت بحضارة تاريخية عاشها الآباء والأجداد جمعت بين البساطة والإرث العربي والتاريخ الإسلامي الذي يجب أن يدوّن بصراحة ضمن كتب ومناهج تدرّس في المؤسسات التعليمية، وأعني هنا بالماضي القريب الذي عاشه آباؤنا وأجدادنا، وبنوه بسواعدهم ومواردهم البسيطة، وذلك لتوضيح الهوية الحضارية التي عاشها أسلافنا، ومعرفة طرق وأساليب عيشهم، والمعاناة التي واجهتهم، وهذا مما يعزز في نفوس أبنائنا القيم والهوية الحضارية، والحضارة التاريخية التي يفاخرون بها الأمم والشعوب الأخرى، حيث إن المقياس الحضاري لأي أمة في وقتنا الحاضر ليس بالتقدم التكنولوجي والعلمي فقط، ولكن بمدى اهتمامها بحضارتها وتراثها. ومما لا شك فيه، أن بلادنا حباها الله بقيادة حكيمة، أولت اهتماماً شديداً في المحافظة على الأماكن التاريخية والبحث في سبل تطويرها وإحياء التراث الشعبي، وتعزيز السياحة الداخلية من خلال إنشاء الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (وزارة السياحة حالياً)، وإنشاء دارة الملك عبدالعزيز والتي تهدف إلى خدمة تاريخ وجغرافية وآداب وتراث المملكة العربية السعودية، ومن خلال أيضاً تطوير الأحياء الشعبية الذي قامت عليه الهيئة الملكية لمدينة الرياض في وقت سابق على سبيل المثال حي البجيري وحي الطريف في الدرعية وحي الدحو في وسط مدينة الرياض، علما بأنه تم إنشاء هيئة تطوير بوابة الدرعية حيث تشرف حالياً على حي طريف وحي البجيري.
الجدير بالذكر أن رؤية المملكة 2030 تهدف إلى التوسع في إنشاء المتاحف وتهيئة المواقع السياحية والتاريخية والثقافية وتنظيم زيارتها، كما ستعمل على إحياء مواقع التراث الوطني وتسجيله دولياً، وهذا مما سيسهم بمشيئة الله في المحافظة على إرث المملكة التاريخي وإحياء للتراث الشعبي، وتنويع للسياحة الداخلية.
وتكمن أهمية تطوير القصور القديمة، والمحافظة على التراث بشكل عام في عدة نقاط وهي: التعرّف على الحضارات القديمة والمحافظة على الإرث التاريخي الذي خلّفه أسلافنا، ومعرفة طرق جديدة لفن البناء، حيث تمتاز بعضها ببنائها الرائع والتصاميم المزخرفة، ليتمّ بناء مبانٍ مشابهة لها مستقبلاً، كما أنها أيضاً مصدر من مصادر دخل الدولة عن طريق الاستثمار في هذا الجانب، من خلال تعزيز الاستثمار السياحي وإيجاد فرص لانطلاق السياحة التراثية والأثرية التي تعكس ما تملكه المملكة من مقومات متنوعة، والإسهام أيضاً في خلق فرص العمل، وتنويع مصادر الدخل للأفراد.
كما أنها ستحافظ على النسيج العمراني للمنطقة الأثرية والتراثية، وإعادة توظيفها بما يخدم الأنشطة المختلفة، وإيجاد متنفس ثقافي تراثي ترويحي للمواطنين والسياح.
ختاماً أتمنى أن يتم إعادة تأهيل بعض البيوت والقصور القديمة وفق معايير متطورة تحافظ على معالم وهيكلة المبنى لتصبح وجهات سياحية من داخل المملكة وخارجها، وذلك من خلال تحويل بعضها إلى متاحف أو مراكز ثقافية أو فنادق ونُزل سكنية تحتوي على كافة الخدمات.
@Nawaf_alshaikh