زكية إبراهيم الحجي
كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن مآل الكتاب الورقي بعد أن أخذ نجم الكتاب الإلكتروني يظهر بقوة وبشكلٍ لافت في ظل الثورة الرقمية التي يشهدها العالم.. فهل لا يزال الكتاب الورقي يستهوي القارئ في زمن انتشار الكتاب الرقمي.. وهل من تنافس أو نفور بينهما.. أم أنهما يكملان بعضهما البعض.. وما مستقبل الكتاب بين القراءة الكلاسيكية والتطورات التقنية.. ثم هل نقطة التحول من الكلمة الورقية إلى الكلمة الرقمية ستشهد مستقبلاً مرحلة عزوف الكاتب والقارئ عن عالم الورقة والقلم.. ثم هل سيتقبل جمهور القراء عبارة {المكتبات خالية من الكتب.. فالكتب الورقية باتت جزءاً من الماضي} أم أنها ستُذكي مشاعر الحزن والأسى في نفوسهم؟
يمضي جدل لا ينتهي في كثير من الأوساط الأدبية والفكرية عن مصير الكتاب الورقي، في ظل رواج الكتاب الرقمي وسهولة الوصول إليه في كل زمان وكل مكان دون أي عناء أو أي تكلفة مادية، ما جعل الإقبال عليه يبدو متزايداً من قبل كتَّاب وقرَّاء عرب أو غير عرب.. حتى بعض الناشرين وجدوا النشر الإلكتروني وسيلة جديدة لنشر ما لا يمكن نشره في الكتاب الورقي.. في المقابل هاجم بعضٌ آخر الكتاب الرقمي، واعتبروه تهديداً للكتاب الورقي يهدف إلى إلغاء جوهر الإبداع الورقة واليراع.. وبين الكتاب الورقي والكتاب الرقمي استمر الجدال ما بين مؤيد ومعارض، كلٌّ يُبدي رأيه ويروج له.. الملفت أن معظم المعارضين للكتاب الرقمي هم من كتَّاب وناشري الجيل القديم.. جيل الورقة والقلم وجيل كتابة الهوامش والمسودات الورقية.. جيل تعدد الأقلام وفوضى الأوراق، حيث الاستمتاع وعشق الكتابة لا يجدها إلا في ذلك.. أما أولئك المؤيدون والمدافعون عن الكتاب الرقمي فحجتهم أن للكتب الرقمية أهمية أكبر من الناحية العلمية، وأن النشر الإلكتروني فرصة لمن لم يحظ من قبل بالنشر الورقي لأسباب متعددة أبرزها التكلفة المادية.
وفي خضم استمرار الجدل يرى المدافعون عن الكتاب الورقي أنه الأقوى حضوراً لما له من علاقة حميمية متجذرة مع عشاق القراءة.. فلمس الصفحات والإنصات إلى حفيفها وهي تقلب عند القراءة يمنح القارئ شعور الملكية لقناعته بقيمته التي تمنحه بُعداً عميقاً للتأمل في المقروء، وذلك ما يفتقر إليه الكتاب الرقمي مهما كان له من إيجابيات.. فإذا كان الكتاب الرقمي ينتمي لمناخ حضاري جديد يتأكد مع ثورة الاتصالات الرقمية فإن الكتاب الورقي، وكما يقول المثل الشعبي {قديمك نديمك ولو الجديد أغناك}، إذاً لا ينبغي أن نخشى الكتاب الرقمي، فسحب كتاب لصالح كتاب أمرٌ مستبعد.