الهادي التليلي
التعليم الأهلي الذي استفاد من المشهد التنموي العام ومن السجال الفاعل بين التعليم العمومي والخاص ومن التشجيعات والحوافز والتشريعات على الاستثمار فيه والمراهنة عليه، هذا القطاع يعيش كل المستفيدين منه من مستثمرين وطلاب وأولياء أمور وإدارة وحتى الطواقم التعليمية والإدارية هواجز عديدة هواجز متعددة الطموح وتمس مختلف جوانبه من شأن مالي وعملية تعليمية وهندسة إدارية، هنا يستوقفنا تشخيص مركزأنباء الشرق الأوسط للدراسات الاستشارية في المجال التعليمي وغيره أن ما يقض مضجع ملاك المدارس بالأساس يتوزع على خمس مسائل أساسية.
أولاً المسألة المالية وتتفرع بدورها إلى أربع فروع أولها الخشية من تقلص المداخيل الناتج عن التململ الحاصل لدى المستفيدين من الخدمة بعد توقف الدروس نتيجة كورونا وتعثر سداد الأولياء للأثر السلبي على المستوى المادي لكورونا على الأسر وثانيها التزامات بعض الملاك وإن لم نقل أغلبهم بديون للبنوك ناتجة عن قروض وغيرها وثالثها الالتزامات المالية بخصوص رواتب المنسوبين من معلمين وإداريين وعمالة ومقدمي خدمات متنوعة ورابعها الاستعداد اللوجستي للعام الجديد وما يحتمه من مصاريف عالية تمس الصيانة والتسويق والاستقدام وغيرها بحكم كون المسألة تمس قطاعا استثماريا، فالهم الأساسي للملاك يبقى ماديا قبل أي شيء آخر، حتى الملاك الذين هم في الأصل كوادر تعليمية مرموقة الواقع حتم عليهم رؤية المسألة من هذه الزاوية ويكذب على نفسه والعالم والتاريخ من يقول منهم عكس هذا، لأن ما كان يبدو لهم هينا ومن محصول الحاصل مثل الرواتب وغيرها صار هاجسا جعل بعضهم يفكر في القفز من السفينة والبحث عمن يستحوذ على مدارسه بحثاً عن مجال استثماري آخر.
المسألة الثانية علاوة على الجانب المالي هي مسألة التسجيل، فالمدارس بلا طلاب بالمعنى الكلاسيكي والحديث للكلمة تفقد ماهية وجوهر التسمية وتصبح أي شيء آخر، إلا أن تكون مدرسة فشبح كورونا عطل الجهد التسويقي وعمليات التسجيل والقبول التي من المفروض أن تكون انطلقت في المنتصف الثاني لشهر مايو إلا أنها تأخرت إلى حد الآن بشهرين كاملين، كما أن مسائل قد تكون عرضية ولكنها مؤثرة وهي الجهود اللاإحترافية للتحصيل ومحاولة استعادة ما للمدارس لدى أولياء الأمور خلال فترة كورونا نفر شريحة هامة من أولياء الأمور من المدارس، فمن خاصيات التعليم الأهلي الدور الجوهري لأمين الصندوق الذي يقابل أولياء الأمور على الأقل مرتين في العام الدراسي إضافة على التواصل الدائم من أجل التحصيل، وهنا تستوقفنا ملاحظة إحدى شركات المحاماة للتحصيل من أن بعض المتعثرين في السداد يتعنتون في السداد بالرغم من الأثر السلبي على الأبناء لسوء معاملة أمناء الصناديق وهم في الحقيقة يطبقون تعليمات فوقية حرفياً وبأمانة.
وتبقى النقطة الأساسية في مجال التسجيل والخوف من عزوف الأولياء على تسجيل أبنائهم هو أثر كورونا على جيب ولي الأمر ومقدرته الشرائية.
المسألة الثالثة المقضة لمضجع المستثمرين في التعليم هي إجراءات التباعد وكيفية معالجتها خاصة وأن البنية التحتية لم تعد لذلك في تأسيسها وما سيتطلبه ذلك من حلول وحتى فكرة التقسيم في الحضور بين الطلاب يوما بيوم أو صباحاً فوجاً ومساءً الفوج الثاني كلفتها مضاعفة هذا إذا ما سجل الطلاب.
المسألة الرابعة ضيق مجال اختيار الكفاءات التدريسية العالية مع سياسة الإسفنجة التي تتبعها بعض الشركات التعليمية تكيفا مع الوضع مع غلق الحدود والخشية من كورونا مجدداً فلا يعرف القادة التربويون من سيعود حقاً ومن لن يتمكن من العودة.
هذه بعض التحديات التي تؤرق أصحاب المؤسسات والشركات التعليمية وفي ما يخص الحلول فيرى مركز أنباء الشرق الأوسط على المستثمر في قطاع التعليم التفكير خارج الصندوق وأن ينظر للواقع المألوف بطريقة غير مألوفة بالبحث عن سبل موارد تعليمية موازية توفر عائدات كمنصات التعليم عن بعد التي يصل عدد المسجلين فيها أحياناً بالملايين وتوفرعوائد جد مهمة بالرغم من أن التعليم فيها يكون أحياناً مجانياً أو بأسعار رمزية، وهنا يدخل مجال التسويق الإلكتروني لمنتج تعليمي عن بعد ونذكر من بين المنصات العالمية المشهورة مدرسة الواب وأكاديمية خان وأوداسيتي وكورسيرا..
كما يوصي المركز بالاستثمار في المحتويات التعليمية الحديثة والنشر التعليمي هذا إضافة لمراجعة سلمي الرواتب والرسوم الدراسية بشكل لا يضر كل المصالح والتقليص من الأعداد والاكتفاء بالضروري الضروري جدا، وهذا لن يكون إلا بعقد ثقة ومصداقية مع المنسوبين والعملاء لأنه لتضمن انتماء الموظف أخلص له. هذا مالياً أما بالنسبة للتسجيل فتنصح الدراسة بخلق قنوات اتصال واجتماعات مع أولياء الأمور وخلق منصات فيديو مفتوحة للإجابة عن استفسارات كل أولياء الأمور مباشرة بين ولي الأمر والملاك لبناء ثقة جديدة أو متجددة.
مثلما يطلب الموظف الانتماء يطلب من المالك كذلك الانتماء، فالتعليم ليس بضاعة عادية في السوق إنه قطاع إستراتيجي تراهن عليه الدول في بناء مستقبلها وصحيح أن عائدات التعليم الأهلي كانت عالية في السنوات الماضية وحتى بعض الهزات الناجمة عن تغيرات اجتماعية تم هضمها عبر الزمن لكن الآن على الملاك أن يحافظوا على قطاعهم بالتضحية ونكران الذات في سبيل نحت كيان تعليمي وطني راق ومتطور تحديا لمرحلة كورونا وما بعدها والتي نتمنى ألا تطول.