عثمان بن حمد أباالخيل
سلوكيات سلبية كثيرة كانت تسيطر على كثيرٍ من الأسر التي هي المكوّن الرئيس والوحيد للمجتمع، سلوكيات أفرغت البيوت من الألفة والثقة والمصداقية والشفافية، سلوكيات أوجدت فجوة بين الأجيال داخل الأسرة، سلوكيات سلبية تحوّلت إلى سلوكيات إيجابية تعجز عن تحويلها كل الوسائل العلمية والمجتمعية والندوات والمحاضرات والنصح وسمي ما شئت. وفي نفس الوقت ظهرت سلوكيات جديدة لمْ تكن في مجتمعنا أو إنها غير واضحة الرؤية. ترى هل هذه السلوكيات الإيجابية مرحلة عابرة أم إنها غرست في نفوس وعقول وقيم الناس.
الحوار داخل الأسرة أصبح من الأولويات اليومية، والأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، الحوار هو إحدى ركائز مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني. القراءة الحرة للكبار والصغار والتي كان ينادي بها ويشجع عليها الكثيرون أصبحت جزءًا من البرنامج اليومي للأسرة. التواصل مع الأهل والأصدقاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أصبح في قمة البرنامج اليومي، إنه التواصل الإيجابي، إنه التواصل الذي قضى على العقوق عند البعض. الغذاء الصحي والتفنن في الطهي والتقديم والتذوق والابتعاد عن الغذاء غير الصحي والذي يحوّل الأجسام إلى مخزن من السموم والأمراض والترهل والسمنة. اكتشاف المواهب عند الأطفال والتشجيع على ممارستها ورسم الابتسامة على وجوههم وتقديم الهدايا والشكر والثناء. مبادرات أعطت للإنسان التفكير الإيجابي والبحث عن المبادرات التي تؤصل روح المحبة والسلام وتبث الطمأنينة.
الأزواج بعض الأزواج غيروا سلوكهم إلى السلوك الطبيعي، لمْ يعودوا يبحثوا عن المشاكل أو خلقها، أصبحوا في منتهى الرومانسية لمْ يعودوا يسمعون زوجاتهم ألفاظاً تبكي من أجلها العيون ولا عبارات أشد وقعاً من مشرط الجراح. الزوجات أبعدت النّكد وكثرة الأسئلة وغيّرت اسم زوجها في هاتفها الجوال بأحسن الألفاظ. سلوكيات هي الأصل في التعامل بين الزوجين لكن الاتجاه الخاطئ في التعامل والألفة أوجد صحاري قاحلة لا يروي عطشها وجفافها إلا الحب والاحترام وتبادل أسمى معاني العشق، ترى هل يصمد هذا التغيّر السلوكي الجميل أو تعود الأحوال إلى ما كانت عليه وينطبق المثل «عادت حليمة إلى عادتها القديمة»؟
فعلاً هناك سلوكيات إيجابية كشفت عنها جائحة كورونا، سلوكيات في تفاصيل حياتنا لكنها غير مفعّلة بالقدر المطلوب، نسي البعض ويتجاهل آخرون علاقاته الاجتماعية مع الجيران الذين وصى عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم، وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: ((مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ)) البخاري.
الكثير من الناس أظهروا مشاعرهم الحقيقية وحبهم للطرف الآخر حين خلوا بأنفسهم وأخذوا يتعمقون ويترجمون ذلك على أرض الواقع بعد أن طال الزمن في زحمة الحياة.
وختاماً هل نحن بحاجة إلى جائحة كورونا ليغيّر البعض من سلوكياتهم السلبية ويعززوا سلوكياتهم الإيجابية ويبحون بها. أقتبس (الأيام كفيلة بأن توضح لك مشاعر الآخرين تجاهك ستعلم بأن ليس كل قريب يحبك وليس كل كلمة جميلة تكون صادقة من القلب وليس كل ابتسامة تدل على نقاء) جبران خليل جبران.